السؤال
السلام عليكم.
امرأة متزوجة، ولدي طفلان، والحمد لله أعيش حياة طبيعية وبدون مشاكل، مع أنني أحمد الله دائما على هذه النعمة إلا أنني أشعر بشعور غريب كأن قلبي مقبوض، وأن شيئا سيئا سيحصل، وتفكيري مشغول.
الصراحة أشعر بالانشغال دائما، وأفقد حماستي بسرعة عند عمل أي شيء، وكل شيء عادي بالنسبة لي، وما عدت قادرة على استيعاب أي شيء رغم تفوقي بدراستي، وأيضا ما عدت قادرة على الكلام، كرهته، أشعر أنني أتكلم في الهواء، ولا أعرف ماذا أحب بالضبط؛ لأنني لا أعرف ماذا أريد، وكل شيء عادي عندي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Arwà حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فاحمدي الله تعالى أنك في نعمة يفتقدها غيرك، وما أصابك من ملل من الحياة يعود إلى ضعف فهم أهداف هذه الحياة، وأهمية استغلالها بفعل الخيرات، والاستعداد للقاء الله سبحانه.
فالحياة مزرعة للآخرة، والأيام التي نعيش فيها هي أعمارنا التي تنقضي شيئا فشيئا، ويوما ما سنغادر هذه الحياة إلى حياة أخرى في الدار الآخرة، فهل استعدينا لها من الآن، أم أننا لا ندري إلى أين نسير؟!!
لذا من وضع نصب عينيه أنه مغادر من هذه الحياة إلى حياة أخرى، فإنه يضل يفكر في كيفية الاستعداد للرحيل، وماذا يحمل معه إلى تلك الدار.
وهنا تظهر لديه الأهداف العظيمة في الحياة ويسعى لتحقيقها ممتثلا قوله سبحانه: ﴿وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين﴾.[القصص: 77].
فإذا وجد هدف عظيم وسعينا في تحقيقه شعرنا بأهمية الحياة وقيمتها والاهتمام بها، واستغلال الوقت فيما ينفعنا ويوصلنا إلى تحقيق هدفنا.
لذا ننصحك -أختنا الفاضلة- بإعادة النظر في أهدافك في هذه الحياة، والاهتمام بالاستعداد للدار الآخرة التي هي الحياة الحقيقة لنا جميعا.
واشغلي نفسك بتحقيق هذه الأهداف واصبري على ذلك، وستشعرين بأهمية الحياة مهما ظهرت لك أنها عادية في البداية، لأن إشغال العبد نفسه بالطاعات والقربات يشعره بطيب الحياة ولذتها، لأن تلك الأعمال تضفي على قلبه الاطمئنان وتمنح نفسه السعادة والراحة فيشعر بقيمة الحياة ولذتها، قال سبحانه: ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾.[النحل: 97].
وما تشعرين به من انقباض القلب وتشتت البال هو أثر من آثار ضعف الإيمان وعدم استغلال الوقت فيما ينفعك في الدنيا والآخرة، وعلاج ذلك وضع برنامج إيماني يومي لك تنفذيه مع زوجك وأولادك في البيت يشمل العبادات المختلفة من صلاة، وصوم وذكر، وصدقة ونحوها.
أما نعمة الكلام فاستغلالها بذكر الله سبحانه والتسبيح والاستغفار، بحيث يتعود اللسان على ذلك، وسيجد العبد أثر هذه الأعمال راحة وسعادة في الدنيا، وأجورا تكتب له في صحائف أعماله في الآخرة، فلماذا يحرم الإنسان نفسه منها وهي من أسهل العبادات!!؟
أسأل الله أن يصلح حالك ويوفقك لما يحب ويرضى.