السؤال
السلام عليكم.
المشكلة هي مع ابنتي الثالثة عمرها 16، والأكبر 18 والأكبر 19 والأصغر منها 14، ابنتي هذه سريعة رد الفعل، وعند الغضب تتسرع بالصراخ، حتى علي وعلى المعلمة تصرخ وتكون غير مؤدبة بالرد منذ الصغر، والمعلمون يشتكون لي من ردها عليهم بالكلمات وعدم الاحترام، وأنا دائمة النصح لها، وأحيانا أصرخ عليها لأنها لا تحب العمل بالبيت وتقارن معاملتي لها بمعاملتي لأخواتها، وأشرح لها دائما أن الذي يخطئ أنتقده طبعا، وهي كثيره الأخطاء؛ لهذا أعاقبها وأصرخ عليها كثيرا.
وحاولت مرارا بعد ردها علي بكلمات ونقاش حاد أن أقاطعها وأقول لها: لا تكلميني إلا إذا أصبحت مؤدبة! فلا يهمها ذلك بل تزيد من الجفاء، وحتى إنها عندما تراني ترفع رأسها ولا تريد أن تراني، لا أعرف كيف أفسر ما أشعر به، ولكني بلحظة نقاشها لي أصرخ عليها لتسكت، فتزيد بالإجابات وجمل فظيعة: وكأنني لست ابنتك، وأنت تكرهينني.
وأستمر بالنقاش وصوتها يعلو فوق صوتي، وعندها أشعر وكأنني أريد أن أضربها وأبتعد عنها، وزوجي يقول لي: لا تناقشيها، بل دعيها، وأحيانا يقول إنني لا أفهمها، وأنا حائرة ولا أريدها أن تستمر بهذه التصرفات، حاولت مرارا أن أكلمها بهدوء، ولكن سرعان ما ينقلب هذا الحوار لعصبيتي بسبب نقاشها بصراخ!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ DD حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فلا شك أن هذه المرحلة العمرية التي تمر بها هذه الفتاة تحتاج إلى حكمة في التعامل وصبر على التصرفات، وخاصة بالنسبة للفتيات؛ لأن البنت في هذه المرحلة تحتاج لجرعات من العاطفة وتحتاج مع ذلك إلى إثبات شخصيتها، وتبرز عندها روح العناد خاصة لمن يتدخل في خصوصياتها ويتكلم عن صديقاتها، فهي ترفض الوصاية التي تفرض على الصغار؛ لأنها تشعر أنها أصبحت امرأة كبيرة عاقلة.
والنجاح للآباء والأمهات يكون بتكوين صداقات مع أبنائهم في هذه السن، وفتح أبواب الحوار والحرص على الإقناع وبسط الشورى، وبناء جسور الصداقة والمكاشفة؛ لأن هذا يسهل مسألة المتابعة الناجحة، بخلاف اتخاذ طريقة التحقيقات، وهي ما تسمى بالمتابعة البوليسية التي تعلم على الكذب وإخفاء المشاعر السالبة بدلا من ظهورها لتصويبها.
والأم الناجحة تهتم بأولادها عند خروجهم لتتأكد من وجهتهم ورفقتهم، وتقابلهم عند دخولهم لتخفف عليهم وتكشف ما يكدر صفوهم، وتأخذ بأيديهم حتى يتجاوزوا الأزمات.
ولا شك أن هذه التصرفات لها أسباب منها ما يلي:
1- أن يكون في الأسرة من هو عصبي.
2- تربية هذه البنت على تلبية طلباتها وتدليلها ومنعها من البكاء عند صغرها؛ لأن هذا يجعلها تتعود أن يكون الجميع في خدمتها، وعندما تفقد ذلك يكون الصراخ.
3- وجود مشاكل في الأسرة كالخلاف بين الزوجين، وظهور ذلك أمام الأطفال.
4- تعرض الفتاة والأسرة لأزمات ومشاكل ألقت بظلالها على سلوك هذه البنت.
5- شعور الفتاة بعدم العدل بينها وبين أشقائها.
6- عدم منح الفتاة جرعات من العطف والحنان والاهتمام.
7- عدم وجود منهج موحد للتوجيه في الأسرة، ولعل هذا ظاهر من خلال قول الأب: (دعيها)! وإصرارك على مناقشتها وتأديبها.
8- التوجيه الخطأ، وذلك كأن نمدح طفلا ونهمل الآخر، أو نكثر من ذكر العيوب والسلبيات دون النظر إلى الجوانب الإيجابية، فالصواب أن نقول: نعمت الفتاة فاطمة لو سمعت كلام والدتها، ونعم الرجل محمد لو ذاكر دروسه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عمر عندما قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)، فما ترك ابن عمر قيام الليل بعد ذلك حتى توفاه الله.
ولا بد من تغيير طريقتك في التعامل، وزيادة جرعة العطف والحنان، واستخدام اللمسات الحانية والكلمات اللطيفة، مع ضرورة التقليل من العتاب مع زيادة المدح على الإيجابيات، حتى ولو كانت قليلة، واتخاذها مدخلا للإصلاح.
وأرجو عدم مناقشتها إذا كانت غاضبة، وعدم تصويبها أمام زميلاتها والناس، مع ضرورة توحيد المنهج في التوجيه، فإن الطفلة إذا شعرت أن لها ظهرا يحميها تمردت على المعلمات وخالفت الأمهات.
وعليك بكثرة اللجوء إلى الله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وابتعدوا عن المعاصي فإن لها شؤمها وثمارا مرة.
والله ولي التوفيق والسداد.