السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أم وعندي طفلة في الثالثة من عمرها، ومشكلتي أنني أعاني في التعامل معها الكثير، ولكن في الوقت الحالي شاهدت في إحدى القنوات الفضائية برنامجا عن كيفية التعامل مع الأطفال من حيث إكسابهم السلوك الجيد وإبعادهم عن السلوك السيئ، وتكوين عادات صحية لهم وللأهل، والحقيقة أن البرنامج جدا رائع، ومن خلال تطبيقه على أطفال البرنامج أعطى نتائج ممتازة مثل: تعويد الطفل النوم الباكر، وكيفية التعامل مع الطفل في نوبات غضبه، وكيفية تخليص الطفل من عاداته السيئة، واستخدام أسلوب عزل الطفل في غرفته لمدة تمثل دقيقة لكل سنة من عمره، يعني في حالة طفلتي عند قيامها بفعل خاطئ أقوم بحبسها في مكان آمن لمدة ثلاث دقائق وتجاهلها تجاهلا تاما عند نوبات غضبها، وعدم التحدث إليها حتى تهدأ وحدها.
المشكلة أن البرنامج غربي، ولا أعرف هل هذه الأفكار خاطئة بالنسبة لمجتمعنا الإسلامي؟ حيث أن زوجي يرفض مساعدتي في تغيير سلوك طفلتي بحجة أن هذا البرنامج لا يناسب قيمنا وعاداتنا حتى والدتي غضبت مني عندما قمت بحبس ابنتي لمدة ثلاث دقائق، وقالت أن هذا يمكن أن يصيبها بالمس أو الجنون مع أنني أجد تحسنا من طفلتي قليلا عند تطبيق البرنامج، ولكن ما الفائدة عندما أقوم من جهة ويهدم زوجي من جهة أخرى؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حائرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
إن من أخطر ما يهدد أطفالنا تناقض من يقومون بالتوجيه والتربية؛ لأن هذا يهدم القدوة في أعينهم ويشتت أفكار الصغار، ويجعلهم يستثمرون ذلك الخلاف ويحتقرون المختلفين، والرمال المتحركة لا تنبت شجرا ولا تخرج ثمرا.
لا شك أن الطفل يولد على الفطرة، ويحدث التغيير بفعل الآباء والمربين، وقد قال الغزالي رحمة الله عليه: (الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما ينقش عليه، مائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه، وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وكل معلم له ومؤدب، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة والديه، وكل معلم له ومؤدب).
لأن هذه الطفلة صغيرة، فلابد من إبعاد الأشياء الخطرة من بين يديها ثم لابد من التدرج معها عند العقوبة على النحو التالي:-
1- التغافل عن الخطأ حتى لا نركزه في نفسها.
2- إذا تكرر الخطأ نعلمها بأن هذا خطأ.
3- لومها بلطف بعيدا عن الناس حتى لا تهون عندها الملامة، وينكسر في نفسها حاجز الحياء.
4- تغيير نبرة الصوت وإظهار عدم الرضا، علما بأن الأطفال لا يقدمون على عمل إلا بعد النظر في وجوه الآباء والأمهات.
5- التعنيف مع تعليق السوط والنظر إليه.
6- التهديد باستخدام العصا.
7- دراسة آثار العقوبة قبل تطبيقها؛ لأن هناك أطفالا تفيدهم الموعظة وآخرين ينفع معهم التهديد، وبعضهم يفيده الحرمان من بعض الأشياء، وبعضهم قد يفيده الحجز في مكان آمن معتدل قريب صحي لفترة قصيرة حتى يشعر بتغير تعامل الأب والأم لأجل الخطأ الذي وقع فيه مع إعلان حبنا له في حال رجوعه وتوبته وندمه.
8- نحرص على عدم تجريحه عندما نعاقبه بالكلمات فوخز اللسان أشد من وخز السنان.
9- أن نشعره بأنه لازال محبوبا ولكن بدرجة أقل وأنه يمكن أن يعتذر لنحبه أكثر.
10- لا تكون العقوبة أمام زملائه أو إخوانه.
11- ألا نكثر من العقاب وخاصة الضرب.
أما بالنسبة للأساليب التي تطبق في الغرب فليست خيرا محضا ولا شرا محضا، ولكن المؤمن أولى الناس بالحكمة أنى وجدها، ولا يخفى علينا أن كثيرا من النظريات التربوية عند أسلافنا استفاد منها الغربيون وأرسلوها لنا بأغلفة جديدة.
قد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته بمقاطعة الثلاثة الذين خلفوا لنحو من خمسين ليلة، وقد ألف الأستاذ/ محمد حسن الحمصي كتابا عن كعب بن مالك وسمى قصته (الزنزانة المتحركة)، ونحن نملك منهجا عظيما في الثواب والعقاب، ويتميز ذلك المنهج بالشمول والتوازن وبكونه يجعل الجنة ثوابا للطائعين والنار وبالا للعاصين، ويجعل للإنسان شرطيا في داخله يحجزه عن الوقوع في الأخطاء ويذكره بأن الله ناظر إليه لا تخفى عليه خافية سبحانه.
المشكلة الآن ليست في هذا البرنامج ولكن في هذا التناقض الذي أخشى أن تعرف عنه هذه الطفلة الصغيرة.
أرجو أن يتسع صدرك لهذه الطفلة التي يشكل اللعب وكثرة الحركة جزءا من نموها الطبيعي، ونحن نبشر الأمهات بأن كثرة الحركة غالبا ما تكون من دلائل النبوغ مستقبلا.
وأرجو أن نعرف أن الطفل الذي لا يتحرك ولا يتكلم ولا يشاغب أقرب إلى المرض وقد يحتاج إلى علاج.
والله ولي التوفيق والسداد.