السؤال
السلام عليكم.
ابني الأصغر انتقل بين أربع مدارس من سن أربع سنوات إلى الآن، وعمره الآن عشر سنوات، كانت أولاهم هي الأفضل له، والثانية شكى من عدم وجود اهتمام به فقط، وعندما انتقلنا لبلد آخر ومدرسة جديدة كانت تجربته في هذه المدرسة هي الأسوأ، فقد كان الأولاد يقطعون كتبه ودفاتره ويكسرون أقلامه ويعتدون اعتداء لفظيا عليه، ويظهرون نفرة منه وغيرها من السلوكيات السيئة، والمصيبة أن مشرفة الفصل كانت منحازة لأبناء بلدها، فتقوم بالتغطية عليهم وتشويه ابني كأنه هو من يفعل ذلك، المهم استمر ابني قرابة السنة ونصف في هذه المدرسة، هو تعب ونحن تعبنا أشد التعب مع هذه السلوكيات التي لم نستطع حلها، لأجل تغطية المدرسين المنحازين والذين لا يريدون ملامة لائم لهم من قبل المديرة، وفي نفس الوقت لا يريدون إيقاف أذى أبناء بلدهم.
بعدها انتقلنا لتركيا حيث اللغة التركية قضينا فيها إلى الآن عامان، ألحقت ابني في المدارس التركية حيث واجه لغة جديدة وعالم جديد، ولكنهم لم يدققوا معه أول سنة وبدأوا معه من الصفر بجانب أننا استعننا بمدرس خصوصي له في البيت، ولكن المشكلة والتي اشتكت منها معلماته سواء السنة الماضية وهذه السنة أن الرغبة والدافع لدى ابني للتعلم منعدم، فهو لا يريد أن يذهب للمدرسة، ولا يريد أن يتجاوب، ولا يريد أن يشارك أو يظهر مهارته، لا أن يكتب أو يقرأ أو يلعب، على الرغم من أنه مندمج مع أصدقائه العرب في الفصول الأخرى، ومعلماته يقولون عنه أنه خلوق وذكي.
استفساري: هل من حل لهذه المشكلة؟ وهل يعاني ابني من نوع من الاكتئاب لما مر به من تجربة قاسية خصوصا في مدرسته السابقة؟ وأن كان كذلك كيف أعالج هذا الاكتئاب، وما هو الدواء إن وجد؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Om Abd Elrhman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذا الطفل قطعا مر بظروف فيها الكثير من عدم الاستقرار، ويؤسف جدا لما حدث له في المدرسة التي تعرض فيها للتنمر وعدم الاهتمام من جانب المعلمات، وحتى الانحياز ضده، هذا قطعا أمر مؤسف، ولكن الطفل ينسى -الحمد لله- إذا وجد رعاية بديلة في المستقبل، رعاية تكون أفضل، الرعاية السلبية السابقة قد لا تؤثر على الطفل.
والآن حدث له استقرار في تركيا، وبدأ الطفل يتعلم اللغة التركية، وهو الآن من المفترض أن يكون في مرحلة متقدمة حول اكتساب اللغة.
هذا الطفل محتاج لأن نساعده على إدارة وقته، الطفل يتضجر من الدراسة إذا اختلطت عليه الأمور، ولم يكن هنالك تنسيق فيما يتعلق بكيفية الاستفادة من الوقت، وهذا الطفل يحتاج لمنافذ للعب مع الأطفال بقدر المستطاع إذا كان هذا ممكنا، وأيضا أنتم في المنزل حاولوا أن تلاعبوه، وأن تعطوه المزيد من التشجيع ومن الدعم، وتعزيز أي سلوك إيجابي لديه، هذا يساعده كثيرا.
وأيضا تطبيق طريقة النجوم كطريقة محفزة سلوكية، وجدناها مفيدة جدا، فأرجو أن تطبق معه، يعطى مثلا نجمتين أو ثلاثة لكل سلوك إيجابي، وتسحب منه نجمة إلى نجمتين حول أي سلوك سلبي، وفي نهاية الأسبوع تستبدل له تلك النجوم بقيمة مالية أو بهدية صغيرة أو أي شيء رمزي يحبه.
وتدريب هذا الطفل أيضا على الاهتمام بخزانة ملابسه، ترتيب سريره، وتنظيف أسنانه، والاستحمام والمحافظة على نظافته، هذا يساعده كثيرا ويقوي من شخصيته، ويعطيه الثقة بأنه شخص مفيد، أو يمكن أن يكون مفيدا ويعتمد عليه.
ونخصص له وقتا للدراسة، وحين نقول للطفل "ادرس" نجلس نحن أيضا وندرس معه، ونهيء له الجو المحيط لذلك، وكما ذكرت اللعب مهم جدا للطفل، أي أن يكون مركز اهتمامكم وتشجيعكم.
هذه هي السبل العلاجية.
لا أريد أن أقول أن الطفل يمر باكتئاب نفسي حقيقي، ربما يكون لديه شيء من عسر المزاج المتعلق بعدم الاستقرار، وعدم القدرة على التواؤم لما حدث له، لكن إن شاء الله تعالى من هنا يستطيع الآن أن يستوعب الأمور بصورة أفضل، وبالتشجيع وتعزيز ما هو إيجابي والتوجيه المنضبط، أعتقد أن الطفل يمكن أن يتحسن كثيرا، ولا أراه في حاجة لعلاج دوائي في هذه السن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.