السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاه مثل أي بنت كنت أتمنى أن أكون أما لكن قدر الله أن يرزقني الله زوجا عقيما، والحمد لله كنت صابرة شاكرة، ولا أشتكي لبشر أبدا، وأجريت عملية الأنابيب أربع مرات، كلها كانت فاشلة، كنت أتألم في نفسي أكثر من جسدي، وكنت إذا قابلت أحدا أبتسم، وأقول: الحمد لله.
كنت أقابل بالمستشفى نماذج من المحرومين من الأطفال، كانوا قانطين كنت أحدث عليهم بنعم الله علينا، حرمنا من الذرية لكنه أنعم علينا بنعم غيرها.
مدة أربعة أسابيع من الإبر المؤلمة والممرضة، وكانت بالأخير تفشل، وكنت أطلع خارج المستشفى وأقف بالشمس ما كنت أحس بحرارتها من شدة الحزن، لكن مستحيل أن أخبر أحدا على حزني.
أكثر شيء يتعبني الوالدة واتصالاتها لتطمئن على عمليتي، كنت أفكر بماذا أرد؟ كيف أصبرها؟ كنت أضغط على نفسي وأصبر وأكلمها وأصبرها، لأن حزنها يعذبني.
أنا والدتي أغلب الأحيان حزينة بسبب، لكن يعلم الله ليس بيدي، يعلم الله لم أشتك، وأبكي عند مجرد فشل العملية، وأضغط على نفسي وأضحك لأجل ما تتضايق.
أخواتي أصغر مني أسعدنها أنجبن وتوظفن، وفرحت بهن، لكن أنا هم على قلبها، لا خلفت ولا توظفت، رغم أني معي شهادة، وقد حاولت أخدمها في كل شيء أعوض حزنها علي، وصارت تعتمد علي اعتمادا كليا في كل أمورها، ولا ترسل ولا ترتاح غير لي، الحمد لله صار شيء يفرحها.
إذا جلست بالبيت وحدي أجلس أبكي، هل بكائي يغضب الله علي؟ هل يعتبر جزعا من قضاء الله؟
أنا أدعو ربي أن يلحقني بوالدي، لأني أتعبت أمي كثيرا، فدعواتكم لي بتفريج همي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كان الله في عونك؛ والجواب على ما ذكرت؛ بداية ينبغي أن تقرئي قوله تعالى " لله ملك السماوات والأرض ۚ يخلق ما يشاء ۚ يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور* أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ۖ ويجعل من يشاء عقيما ۚ إنه عليم قدير" [ سورة الشورى اية٤٩؛ ٥٠ ]؛ فالآية الكريمة مسوقة لبيان أن العطاء والمنع بيد الله- تعالى- وحده، وأن أحوال البشر بالنسبة للذرية خاضعة لمشيئته وحده، وهو- سبحانه- يقدرها وفق علمه وإرادته وحكمته.
هناك من كان عقيما مثل عيسى ويحيى عليهما السلام؛ وكذلك عائشة رضي الله عنها؛ وغيرهم كثير فلنا أسوة فيهم؛ وأن لهم عند الله تعالى خيرا مما حرموه في الدنيا.
لقد أحسنت بكونك صابرة محتسبة على ما قدر الله عليك من البلاء؛ ولا داعي للحزن؛ وعليك بكثرة الذكر والاستغفار حتى يخفف الله عنك ما تجدين؛ و تذكير الوالدة بحال كثير ممن لم يولد لهم وأن حياتهم مستقرة؛ وما عند الله تعالى لهم خير وأبقى.
أوصيك وأوصي زوجك؛ بكثرة الدعاء والاستغفار فهما من الأسباب للزرق بالذرية الصالحة؛ قال تعالى: " فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا* ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" [ سورة نوح اية١٠؛ ١٢ ]
شكا رجل الى الحسن البصري الفاقة، وشكا إليه آخر الجدب، وشكا إليه ثالث قلة النسل، فأمر الجميع بالاستغفار.. فقيل له: أتاك رجال يشتكون إليك أنواعا من الحاجة، فأمرتهم جميعا بالاستغفار؟ فتلا الحسن هذه الآيات الكريمة.
أما كثرة الدعاء فإن لكم أسوة في زكريا عليه السلام حيث دعا الله مع كبر سنه وزوجه عاقرة؛ ومع ذلك لم ييئس ورزقه الله في كبره؛ قال تعالى " وزكريا إذ نادىٰ ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين* فاستجبنا له ووهبنا له يحيىٰ وأصلحنا له زوجه ۚ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا ۖ وكانوا لنا خاشعين" [ سورة الأنبياء اية ٨٩؛ ٩٠]؛
نسأل الله أن يمن عليكم بالذرية الصالحة.