السؤال
السلام عليكم..
أنا فتاة أتممت الرابعة والعشرين من عمري.
ليس لدي رغبة في الحياة، وأعيش بشكل فوضوي للغاية، بحيث لا أملك هدفا ما، فقط أتخبط، تخرجت من الجامعة منذ خمسة أشهر، درست هندسة الحاسبات، لكني لست راضية؛ لأني أشعر بأني لم أنجز شيئا يذكر، فالجميع يدخل الجامعة ويتخرج، ليس بالأمر الصعب.
وليس لدي طموحات كبيرة، أعيش حياتي في بيت متواضع، لا أخرج منه إلا في المناسبات، وذلك حرصا على قوله تعالى: ( وقرن في بيوتكن..).
وأيضا أرفض أن أدرس الماجستير، أو أن أعمل في أي مهنة بسبب هذا الإيمان بأنني يجب أن ألزم بيتي، ولا أخرج إلا للضرورة، مع أنني ملتزمة نوعا ما بلباس شرعي، وفقا لرأي من حولي.
الآن أنا بائسة، ليس لدي طموحات، لا أملك خبرة في مجال اختصاصي، لا أملك شيئا من مستقبلي، وأجلس منتظرة من الله أن يفرج علي.
وأيضا أملك شعورا داخليا بأن الطموح الأمثل للفتاة هو الزواج من رجل صالح، ومن ثم تربية الذرية لتكون صالحة، أي أن أكون أما وزوجة، لكن إلى الآن لم يتقدم للزواج مني سوى شاب، فلما تمت الخطبة وبعد أشهر اكتشفنا أنه ما زال على علاقة بفتاة يعرفها قبلي، ففسخنا العقد، وأحسست بضيق شديد، والآن حالي أفضل، ولكن لدي إحساس بأنه لن يتقدم لخطبتي أحد بسبب أني من سكان المدينة، فلا أحد يعرفني ليدل علي، وفي ذات الوقت أنا قليلة الاختلاط بالناس، أريد حلا، وكيف أحقق ما أريد؟ وكيف تصبح إرادتي أفضل؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فضعف الرغبة في الحياة سببها ضعف الأهداف النبيلة والقيمية التي يحملها الإنسان ويسعى في تحقيقها، وقلة علمه بالغاية من وجوده، ولماذا خلقه الله؟
فإذا فقد الإنسان الهدف السامي، وجهل الغاية من وجوده، أصبحت الحياة عنده عبثا وكآبة.
أما المسلم الحق فهو يعتبر الحياة الدنيا مزرعة للآخرة، ومحلا للتنافس على الخير وفعل الطاعات، والاستعداد ليوم الرحيل، لذا فهو يعتبر كل يوم من حياته ثمينا لا يفرط فيه، بل يستغله في تحقيق الغاية من خلقه قال سبحانه: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ).
فمن عبادة الله تحقيق التوحيد، وأداء الفرائض والواجبات، ومن عبادة الله السعي في عمارة الأرض بما ينفع البشرية.
وهنا تظهر لديه الأهداف العظيمة في الحياة، ويسعى لتحقيقها متمثلا قوله سبحانه: ﴿وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين﴾.[القصص: 77].
فإذا وجد هدف عظيم، وسعينا في تحقيقه، شعرنا بأهمية الحياة وقيمتها والاهتمام بها، واستغلال الوقت فيما ينفعنا ويوصلنا إلى تحقيق هدفنا.
وطالما لديك فراغ ولا تحبين الخروج، ولا تريدين العمل، فيمكنك استغلال هذا الفراغ في حفظ القرآن الكريم، وطلب العلم الشرعي، والتففه في الدين من خلال متابعة برامج الأكاديميات العلمية، كأكاديمية زاد ونحوها، أو قراءة الكتب المفيدة، أو تعلم بعض المهارات الحياتية، أو مساعدتك أهلك وإدخال السرور عليهم بخدمتهم، والبر بهم، والإحسان اليهم.
بمعنى آخر: رتبي لك جدولا وعملا في المنزل يذهب عنك الملل وسآمة الحياة؛ حتى يأتي الزوج الصالح المناسب لك، وبعد ذلك تبني حياتك الأسرية كما تتمنين.
ولا تيأسي من تأخر الزواج؛ فالأمر بيد الله سبحانه، وله أجل محدد لا يتقدم ولا يتأخر، وعليك بالأخذ بالأسباب، ومنها:
- التحاقك ببعض مراكز تحفيظ القرآن الكريم؛ ففيها أخوات صالحات تعرفي عليهن، واطلبي منهن البحث لك عن زوج صالح.
- أو إخبار ما يسمى في بعض البلدان (بالخطابة) تبحث لك عن زوج بمواصفات معينة بمقابل بعض الأموال.
- وكذلك عليك بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه، وطلب تيسير أمرك، فالدعاء سلاح المؤمن.
- وعليك كذلك بحسن الظن بالله والثقة فيه، والرضاء بالقضاء والقدر، وما فاتك من نصيب لعل الله أراد لك بذلك خيرا، فلا تفكري بهذا الأمر تفكيرا سلبيا، بل قولي: قدر الله وما شاء فعل، فالخير في يديه سبحانه، وهو يعلم ونحن لا نعلم، قال سبحانه: (وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم).
- وكلما شعرت بشيء من ضيق الصدر عليك بالتسبيح، والذكر، وقراءة القرآن، والدعاء والتضرع إلى الله، فالفرج بيده سبحانه.
أسأل الله العظيم أن ييسر أمرك، ويوفقك لما يحب ويرضى.