السؤال
السلام عليكم.
سافرت مع أمي وأختي وأخي وزوجته إلى مدينة بعيدة لكي نحضر زواج خالتي، المشكلة أن لدي خلافا سابقا بيني وبين زوجة أخي، فأنا وواحدة من أخواتي قمنا بطردها من منزلنا وهذه القصة حدثت منذ 5 سنوات.
وقت سفرنا هذا قمت أنا بالجلوس في الصالة وهي أصرت على أخي أن يطردني إلى غرفتي، وحاولت ضربي، لكن أخي أبعدها عني.
في البداية أنا رفضت، ثم غادرت مجبورة، فهل تصرفي فيه ضعف في الشخصية؟ لأني شعرت بالحرج عند أهلي، وعند رجوعنا لمدينتنا قامت أمي بشتمي لأني قلت لها: سأنام، وردت قائلة: زوجة أخيك ليست هنا حتى تطردك إلى غرفتك، وهذا الكلام جرحني كثيرا، فهل كنت ضعيفة؟ كيف أتصرف معها فهي ضعيفة عقل؟ وكيف أتصرف مع شتم أمي وأهلي؟
ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- المشكلات العائلية لا يخلو منها بيت غالبا، لذا الواجب على الشخص أن يوطن نفسه على تحملها والتعامل معها بإيجابية حتى لا يتعقد الوضع أكثر.
- وما حصل منك من ضبط لنفسك أثناء الخلاف مع زوجة أخيك وترك المكان تصرف جيد، لا يدل على ضعف الشخصية، بل يدل على التعامل بعقلانية مع المشكلة، فقد جاء من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه.
وهذا الحديث يذكره العلماء في باب الصبر، لأن الإنسان حينما يحتدم الحنق في قلبه، ويمتلئ غيظا وغضبا، فإن السيطرة على النفس عند ذلك وكبح جماحها عن التعدي يحتاج إلى صبر عظيم، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(ليس الشديد) يعني: ليس الإنسان الشديد، هو الشديد بالصرعة والمقصود بالصرعة أي: الذي يصرع الناس كثيرا، فهو إنسان قوي يصرع الناس كثيرا، وإنما الشديد حقيقة والذي ينبغي أن تلتفت الأنظار إلى قوته وشدته، هو من يملك نفسه عند الغضب!
لأن الغضب جمرة من الشيطان يلقيها في قلب الإنسان، ومن ثم فإن الإنسان بحاجة إذا ألقى الشيطان في قلبه جمرته أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، لأن ذلك يدفع أثره، ثم هو بحاجة إن كان قائما أن يجلس؛ لأن ذلك أثبت للإنسان، فيلزم الأرض فلا يكون منه تعد في الخطى والمشي فيضر نفسه أو يضر غيره، فإن لم ينفع معه ذلك فإنه يضطجع، فإنه عند اضطجاعه لا يكون له حراك وانتقال فيصدر منه تعدي أو أذية أو نحو ذلك.
فهذا أدعى لهدوئه إذا غضب، وأكثر لانضباط جوارحه وتصرفاته وسلوكه، ثم هو أيضا مأمور بأن يتوضأ لأن الشيطان يلقي هذه الجمرة في قلبه، وهو المتسبب بالغضب، والماء تطفئ النار، فإذا توضأ الإنسان فإن ذلك يخفف أثر هذا الغضب في نفسه.
- ومخاطبة أمك لك بتلك الطريقة قد تكون ساعة غضب، أو لتصرف أغضبها منك، ولا يدل على الاحتقار المطلق لك، فلا تحملي في قلبك عليها أبدا، بل الواجب عليك السعي في مرضاتها والبر بها والإحسان إليها؛ لأن حقها عليك عظيم.
- والعجيب في السؤال أن القصة حصلت لك قديما، وأنك ما زلت تذكرين هذا الحادث منذ خمس سنوات، وقد مضى وانتهى! وهذا يدل على صفة غير جيدة لديك وهي حفظ الأخبار والمواقف السيئة وتذكرها، مما يسبب لك حمل الحقد والغل في قلبك على من فعل لك ذلك أو تسبب فيه، وهذا يؤثر على نفسيتك وانشراح صدرك، وتبقي مهمومة لذلك الموقف السيء! والأصل أن المسلم ينسى أو يتناسى مثل هذه المواقف، ويصفح ويغفر لمن أخطأ في حقه، ويحتسب الأجر من الله؛ حتى ترتاح نفسه وتحسن علاقته بمن حوله.
- وإذا كانت علاقتك بزوجة أخيك ما زالت غير جيدة إلى الآن، وفيها ما وصفت فعلا من ضعف في العقل، فإن الواجب عليك هو التعامل معها بلطف وأسلوب يتناسب مع عقلها، وأن تكوني عونا لها على الاستقامة والانضباط والتعامل الحسن.
- وعليك دائما بفعل الأحسن مع من حولك، وعدم استخدام ردة الفعل مع الآخرين عند الخطأ منهم، بل امتثلي أمر الله سبحانه في قوله:﴿ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم﴾، فإن معنى الآية الكريمة: أن التعامل مع الناس بالحسنى يحول العدو إلى صديق حميم في المستقبل القريب.
وفقك الله لما يحب ويرضى.