السؤال
السلام عليكم
أنا مبتلى بالوسواس القهري بالطلاق، فبدأ تدريجيا يؤثر علي من الفكرة إلى أن وصل بي الحال أن كل تصرف أو رد فعل في موقف محرج أو خوف أو اضطراب أستعمل التلفظ بالطلاق!
لا أدري لماذا؟! هل بسبب الخوف أو الاضطراب الشديد أو لأني اعتدت على هذا الشيء؟ إذا تعرضت لشجار مع شخص وخفت أن تتطور المسألة أجد نفسي أتلفظ بالطلاق نتيجة ترددي للكلام أو أختصر الموقف فأقول: علي الطلاق، لكي أغضب وأرد عليه بشراسة.
لا أدري ماذا أفعل؟ لا أريد الطلاق، لكن قولي له بسبب الخوف أو الاضطراب الشديد، لكي أخفف على نفسي أو أهدئ نفسي، وهذا يزعجني، ولا أعلم هل هذا الشيء نتيجة ضعف أو أني اعتدت هذا الشيء، بسبب وسوسة؟
هل يمكن لمثل حالتي أن لا يتم الطلاق إلا عند المأذون أو بشهود فقط، أو بدلا من اللفظ الكتابة؟ أرجو المساعدة فأنا لا أريد الطلاق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Anas حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهم شيء هو علاج الوسواس القهري الذي تعاني منه، وهو التلفظ بالطلاق، فعلاج الوسواس القهري أهم شيء – أخي الكريم – لأنه سيحل المشكلة على المدى القريب وعلى المدى البعيد.
واضح أن التلفظ بالطلاق هنا ناتج نتيجة القلق والتوتر في تكرار لفظ الطلاق في داخل تفكيرك، وفي داخل رأسك بدرجة كبيرة، وتتلفظ بها لإراحة النفس طبعا، وهذا جزء من أعراض الوسواس القهري الاضطراري، ولكن سبحان الله من تعود مرة وأخرى فيتكرر، وهكذا دواليك.
إذا أهم شيء هو العلاج من الوسواس القهري الاضطراري، وأهم عنصر في العلاج هو العلاج السلوكي المعرفي، ويسمى بمنع الاستجابة، تعريض الشخص للمشكلة ويمنع من الاستجابة، أي: تمنع من التلفظ (لفظ الطلاق)، ماذا سيحصل؟ سيحصل هناك قلق وتوتر شديدان في البداية، ولكن من خلال جلسات الاسترخاء التي تصاحب هذه العلاجات – العلاج السلوكي المعرفي – يختفي التلفظ بالطلاق، وترتاح – أخي الكريم - .
كما أن هناك أدوية يمكن استعمالها لمساعدتك في هذا، وطبعا دواء الفافرين دواء فعال جدا للوسواس القهري الاضطراري، جرعة خمسين مليجراما، تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – ليلا لمدة أسبوع، ثم حبة بعد ذلك، ويمكن الزيادة من خمسين إلى مائة إلى مائة وخمسين إلى مائتين حسب الاستجابة للفافرين، ويجب أن يتم كل هذا تحت إشراف طبيب نفسي أخي الكريم.
إذا علاجك هو علاج الوسواس القهري الاضطراري، إما عن طريق العلاجات النفسية السلوكية المعرفية، أو عن طريق الأدوية، ولذلك ننصحك بمقابلة طبيب نفسي في البلد الذي تعيش فيه.
أما عن الأسئلة الأخرى حول وقوع الطلاق أو عدمه وكيفية وقوع الطلاق، فأنا كطبيب أقر بأنك مريض وهذا جزء من المرض، ولكن الأخوة المشايخ سوف يبينون لك وضعك الشرعي في هذا الأمر.
وفقك الله وسدد خطاك.
+++++++++++++++
انتهت إجابة د. عبد العزيز أحمد عمر . استشاري الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د. عقيل المقطري. مستشار العلاقات الأسرية والتربوية
+++++++++++++++
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
الوسواس من كيد الشيطان الرجيم، ولعلك تدرك أن كيده ضعيف، وأنه هو نفسه ضعيف وجبان، ولا يقوى على مواجهة الإنسان.
لذلك لجأ إلى الوسوسة، فأنت أقوى منه إن لم تصغ لوساوسه، ولم تتحاور معها، ولم تنفذ ما يطلبه منك، وما من أحد من البشر إلا ويوسوس له الشيطان لكن المؤمن قوي الإيمان يدفعه، ويدفع خواطره بالاستعاذة بالله منه ومن وساوسه، ولا يصغي لها أو يتحاور معها.
كلما أتاك بوسوسته قم فورا بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من ذكر الله، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
كن على يقين أن الطلاق في مثل حالتك لا يقع، ولعلك أصلا لا تتلفظ بالطلاق وإنما الشيطان يوحي إليك أنك فعلت وما فعلت.
لا بد أن تظهر قوتك أمام الشيطان وتصر على أن تنتصر عليه بتحقير وساوسه وعدم الاكتراث بها، واستعن بالله ولا تعجز، وابتعد عن المواطن والمواقف التي تتسبب في استفحال الوسواس فذلك من الأسباب لدفعها.
ابتعد عن الغضب وكن هادئ الأعصاب، فالشديد من الرجال ليس الذي يصرع الناس وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، هكذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام.
الشق النفسي من سؤالك أجابه الدكتور عبد العزيز أحمد عمر، فاعمل بما وجهك به، وما من داء إلا وأنزل الله له دواء، وهذا الدواء منه ما هو معنوي ومنه ما هو حسي، وكل ذلك داخل تحت مسمى الدواء الذي أخبر عنه نبينا عليه الصلاة والسلام، وما الرقية والاستشفاء بها إلا من ذلك.
نسأل الله تعالى لك الشفاء.