هل هناك علاقة بين النفس والقلب؟

0 60

السؤال

السلام عليكم.

ما هي علاقة النفس بالقلب، حيث أنني إذا تحسنت نفسيتي حضر قلبي في الصلاة وزاد الخشوع، حيث أنني كنت مكتئبا وقلقا، ولم أكن أشعر بطعم الصلاة، ولم أشعر بطعمها الحقيقي إلا بعد الاستمرار على الإيفيكسور والدوجماتيل.

وهل إذا كان المانع من الخشوع والاطمئنان في الصلاة اضطرابات نفسية تتسبب في ذلك، هل يكون الإنسان معذورا؟ وأحيانا الاضطرابات تجعله يصعب عليه المحافظة على الصلاة.

أيضا الإنسان إذا كان مكتئبا وقلقا تسوء أخلاقه مثل كثرة الشك والغضب، والتعامل غير الجيد مع الجميع، حتى شعوره تجاه ربه يختلف كثيرا عن وقت الصحة النفسية أي أثناء العلاج.

وأيضا بعد العلاج توجهت إلى الله وتبت إليه واجتهدت في الطاعات، فهل يقال أن الله وفقني للتوبة بالعلاج؟ وهل يمكن أن يكون الاضطراب النفسي سببا في سلوك العبد غير طريق الدين وانحرافه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: لا شك أن هنالك ارتباطا كبيرا ما بين النفس وما بين القلب والفؤاد، والنفس هنا نقص بها العقل والإدراك، ورابط القلب معروف، لنقرب العلاقة ما بينهما تصور أن القلب هو الكمبيوتر وأن العقل هو الماوس أو الفأرة التي نحركها لنقود الكمبيوتر، فالعلاقة وطيدة وقوية جدا – أخي الفاضل الكريم – وما ينعكس على هذا ينعكس على ذاك ولا شك في ذلك.

وتحسن المزاج قطعا يجعل الإنسان يقدم بصورة أفضل على صلاته وعلى عباداته، لكن الاكتئاب نفسه والكرب الشديد والكدر والضجر مفتاحه أيضا هو الصلاة، أي في الخروج منه ولعلاجه أن يقدم الإنسان على الله تعالى وعلى طاعته وعلى الصلاة بوجه الخصوص، نعم قد تكون دافعيته محبطة جدا ولكن هنا يجب أن يتذكر الإنسان أن أحد مفاتيح الفرج والراحة والرحمة هي في الصلاة، مهما كانت درجة الإحباط.

بالنسبة لموضوع الخشوع والاطمئنان في الصلاة والاضطرابات النفسية وهل يكون الإنسان معذورا؟
الذي أعرفه مما يذكره العلماء أن الدين يسر وليس بعسر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، وقال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، فقطعا إذا اختل خشوع الإنسان وهو لم يكن في مرحلة الإدراك النفسي التام هنالك عذر، لكن – أخي الكريم – الإنسان يجب أن يجعل نفسه خاشعة، أن يكون هنالك حضور ذهني، مهما كان الاضطراب النفسي، وهذا ممكن وليس من الصعب.

لا أعتقد أن للاضطرابات النفسية عذر لعدم المحافظة على الصلاة، أنا أراها مفتاحا للصلاة وبوابة للصلاة، قطعا إذا كان الإنسان مضطربا اضطرابا عقليا، بمعنى أن هنالك ذهانا، هنا يعتبر من الذين رفع عنهم القلم، كما هو معلوم، وإن كنت أرى الكثير من مرضى الفصام يحرصون على صلاتهم، قد لا تكون كلها صحيحة في بعض الأحيان، لكن الذي شاهدته أن بعضهم حريص جدا على الصلاة، ويرتاح جدا حين تناقشه أو تصحح له حول صلاته في بعض الأمور، على أن يكون ذلك بشيء من الذوق والمرونة.

بالنسبة للاكتئاب وأن تسوء أخلاق الإنسان، وأن يحدث لديك درجة من الشك والغضب والتعامل: أنا أعتقد أن الإنسان ما دامت بصيرته موجودة فهو مدرك، ومدرك يعني أنه مسؤول عن تصرفاته، لذا يجب أن يسعى الإنسان دائما أن يكون في جانب الانضباط الأخلاقي.

الإنسان دائما يجب أن يسأل الله تعالى أن يوفقه لطاعته، بل يأذن له بطاعته، ويقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) فهذا أمر عظيم وأمر مطلوب.

ويا أخي محمد: الله تعالى إن إذن لك بطاعته فهذا يتم بأسباب وبدون أسباب، بعلاج أو دون علاج، والأخذ بالأسباب أمر جيد ومطلوب، فالعلاج قطعا سوف يساعدك أن تكون أكثر استبصارا، وأن تكون أكثر إدراكا، وأن يحسن من دافعيتك حتى نحو الطاعات ونحو العبادة، فهذا أمر جيد، ولذا نحن نقول للناس أن العلاج من الطبيب الثقة وللحالة المرضية المعروفة، العلاج قد يكون واجبا في هذه الحالات، فإن الله ما جعل من داء إلا أنزل له دواء، فتداووا عباد الله.

ختاما أخي الكريم: أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق، وأشكرك على هذه الرسالة الطيبة، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات