أعاني في صمت وأصبحت أعيش جحيم الخوف والكآبة.

0 138

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب بعمر 23 سنة، لدي مشكلة نفسية كبيرة جدا، أنا أعاني في صمت، أصبحت أعيش جحيم الخوف والكآبة، لكن مند صغري كنت أحس من فترة لأخرى أن نفسيتي ليست مستقرة، ومند السنة الثالثة عشرة كنت جالسا وحيدا في المنزل أقوم بواجباتي، وأحسست بخوف مفاجئ رغم أنه لم يكن أي سبب، وليس هناك أي مشكلة في المنزل أو شيء يدعو للخوف.

لا زلت أتذكر حين أحسست بذلك وخرجت بسرعة للمسجد، ومن فترة لأخرى ينتابني مثل ذلك الإحساس فجأة دون سبب، وفي فترات زمنية متباعدة جدا سنة أو سنتين، وفي يوم من الأيام في سنة الباكالوريا كنت في سريري أستعد للنوم فبدأت تراودني أفكار سيئة وصور فضيعة لله عز وجل، والعياذ بالله، فحاولت أن أتجنب هذه الصور التي كانت خارجة عن إرادتي، وأحسست بخوف شديد، وأحسست أن كل شيء توقف وكأني سأموت، وتسارعت دقات قلبي بشدة لمدة نحو عشرين ثانية، فذهبت بسرعة للمرآة أرى نفسي وأنا متفاجئ.

توالت الأيام ومن سنة لأخرى ينتابني نفس الإحساس، وغالبا ما يكون أثناء النوم، ومنذ سنتين كنت أستعد للنوم وبدأت أحس كأني لا أستطيع التحكم في نفسي، وخفت أن أنهض وأرمي نفسي من النافذة، وأنا أقاوم، وتمر أيام قليلة ثم أنسى ما حدث.

تبدأ حكايتي التي جعلتني منذ خمسة أشهر لا أحس بطعم الحياة، وتعرفت على فتاة في الجامعة، وكنت أحس بالسعادة معها، وأعدها بالزواج، وبعد أربعة أشهر من علاقتنا، بدأت أتعدى الحدود معها، ورغم ذلك كان دائما يؤنبني ضميري، وأقول: لن أعيد أن أقبلها أو حتى ألمسها، وفي يوم من الأيام كنت مع صديق لي وهو زميلنا في الدراسة أنا والفتاة التي تعلقت بها، ولم يكن أحد يعرف أننا على علاقة، والكل يعرف أننا أصدقاء فقط، وعندما كنت أتحدث أحسست وكأني سأفقد السيطرة، وأقول له: إني أحب تلك الفتاة، وإننا تعدينا الحدود.

بدأت أتحكم في نفسي، وأقول: لا لا لا، لا يجب على أحد أن يعلم، وبعدما ذهبت للمنزل انتابني خوف وقلت: ماذا كنت سأفعل كنت على وشك أن أقول كل شيء، وأضمر صورتنا الجيدة مع الناس، وانتابني شعور بالخوف، وأحسست كأني أصبت بالجنون، وبدأت بالتقيؤ.

جاء في ذهني بعض ذكريات الطفولة عندما كنت ألعب مع أصدقائي، وارتكبنا بعض الذنوب التي أصابنتي بخوف أكبر، رغم أني ارتكبت بعض الذنوب وأنا في سن صغير جدا لا أعرف شيئا، وتللك الذكريات والأفعال لم تذهب من ذهني، وأصابتني بكآبة وخوف.

بعد ذلك ذهبت لمعالجة نفسية وتحسنت حالتي، وأقنعتني بأن ما حصل في الطفولة شيء عادي بحكم السن، ولا يجب علي تأنيب ضميري.

بعد ذلك قلت سأتوب وألتزم بحدودي مع الفتاة، ولن أعيد، ومرت الأيام وتعديت حدودي مرة أخرى، وأصبح ينتابني تأنيب ضمير، وفكرت في ذنب ارتكبته مؤخرا، لكن رغم صغر الذنب إلا أنه أثر علي، وكرهت نفسي، وأصبحت أقول: ماذا سيقول عني الناس عندما يعرفون أني سيء هكذا؟! لأن أغلب الناس يرونني إنسانا مهذبا وذا أخلاق.

بمجرد ارتكابي لذنب أكره نفسي وينتابني تأنيب ضمير كبير، وصرت مكتئبا، وأصبحت أتذكر أي شيء سيء فعلته في الماضي، وأصبح لدي فقدان تركيز وكثرة تفكير، وأفكار سلبية متشائمة.

علما أني كنت جدا متفائلا، ومجتهدا في دراستي، بينما أنا أتوتر كتيرا، وأخاف من المناطق العالية، وإذا رأيت أحدا يقف في منطقة عالية لا أستطيع الوقوف بجانبه، أخاف أن أفقد السيطرة وأدفعه، ولا أعلم ما هي مشكلتي؟! هل هو وسواس قهري أم ماذا؟ ساعدوني!

علما أني أخذت موعدا مع نفس المعالجة لأن تاريخ الموعد لا يزال متأخرا جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ zakaria حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالنوبة الأولى التي أتتك في فترة الطفولة هي نوبة هرع أو فزع، والأفكار التي أتتك عن الذات الإلهية هي أفكار وسواسية، وبعد ذلك ظلت تأتيك نوبات قلق المخاوف هذه في شكل من أشكال الفزع والهرع، وانتابك الفكر الوسواسي من وقت لآخر.

لا شك أن ما ذكرته في آخر رسالتك أنك إذا رأيت أحدا يقف في منطقة عالية لا تستطيع الوقوف بجانبه، لأنك تخاف أن تفقد السيطرة وتدفعه، هذا فكر وسواسي، والخوف من المرتفعات بالنسبة لك قطعا هو جزء من مركبة المخاوف الذي تعاني منها، وتشخيصك النهائي هو أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي.

أما في موضوع علاقتك بالفتاة وما ارتكبته من ذنوب وتجاوزات شرعية واجتماعية، الضميرية لا زالت لديك الحمد لله عالية، ونفسك اللوامة هي التي أشعرتك بالذنب وهذا موقف بالفعل يجب أن يحس الإنسان فيه بحسرة كبيرة، لأنه ذنب عظيم.

أنت مطالب بشروط التوبة كلها، يجب أن تندم على ما حدث ندما شديدا، وأن تقلع عن الذنب وأن لا تعود إليه أبدا، ولا بد أن تكون صارما مع نفسك في هذا السياق، حياتك فيها إيجابيات كثيرة، فأرجو أن لا تلوثها من خلال الممارسات التي تحدثت عنها، أراك أطهر وأنقى وأرفع مما حدث، رحمة الله واسعة عليك الاستغفار وأن لا تعود لمثل ما اقترفته.

قلق المخاوف الوسواسي يعالج من خلال التحقير والتجاهل التام، وأن يؤهل الإنسان نفسه اجتماعيا ونفسيا وسلوكيا، لا بد أن يكون فكرك إيجابيا، مشاعرك إيجابية، أفعالك إيجابية تكون لك آمال وطموحات في الحياة وتسعى للوصول إلى غايتك، وأن تكون شخصا فعالا ونافذا في النطاق الاجتماعي، أن تلبي الدعوات، أن تقوم بكل الواجبات الاجتماعية، تنظم وقتك، أن تكون بارا بوالديك، صلاتك في وقتها، وبقية العبادات بهذه الكيفية تستطيع أن تقفز بنفسك قفزة إيجابية جدا، وتتخلص من هذه المخاوف إن شاء الله تعالى.

ممارسة الرياضة بصورة مستمرة ستكون عاملا إيجابيا جدا بالنسبة لك، قطعا أنت محتاج لعلاج دوائي بسيط محتاج لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، وعقار سيرترالين من وجهة نظري هو الأفضل بالنسبة لك، توجد أدوية كثيرة أخرى مثل السبرالكس والزيروكسات، لكن السيرترالين أراه على وجه الخصوص هو الأفضل في حالتك، والسيرترالين يسمى تجاريا زوالفت أو لسترال أو ربما تجده في المغرب تحت مسمى تجاري آخر، ذكرت لك اسم الدواء كوجهة نظر علمية لكن أريدك أن تعرضه على المعالج النفسي الذي سوف تقابله.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات