السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 25 عاما، كنت مخطوبة منذ أعوام لشاب يكبرني بعشر سنوات، وقبل الزواج بأسبوعين قام بفسخ خطبته عني بسبب وفاة والدته أثناء فترة الخطبة!

لا أعلم ما السبب بالنسبة لي؟ وحزنت كثيرا حينها، وصبرت واحتسبت أجري عند المولى، وانتظرت أن أخطب مجددا ولكن في كل مرة يأتي فيها خاطب لا يعود، وبدون أي سبب.

علما أني متعلمة ومتدينة، وجميلة جدا لدرجة أن كل من يراني يستغرب لأمري، (لماذا لم أتزوج).

تعبت جدا من نفسي وتزوجت أخواتي الصغيرات قبلي، حزنت جدا حينها، ولكني أحبهن جدا وأتمنى لهن كل السعادة والخير، وهن يحببنني ويدعين لي دوما.

أمي أكثر الناس حزنا على حالي، بسبب مجيء الخطاب وعدم عودتهم مطلقا، وكانوا يقولون لي: إني منفوسة ومحسودة ومعيونة، لذلك لن أتزوج!

خطيبي السابق أصبح بعمر 36 عاما، وتأخر زواجه إلى أن سمعت منذ أيام أنه قد أقدم على خطبة ابنة عمه، فحزنت ليس من أجله، بل لأنه قد يتزوج قبلي، وفي نفس الوقت قلت في نفسي لعله خير، ولعلي أوفق وأتزوج بعد زواجه.

نصحتني أختي بالذهاب إلى شيخ ليرقيني من الحسد، وخفت جدا، ولا أصدق هذه القصص.

علما أني ملتزمة في صلاتي وفي قراءة القرآن بشكل يومي، وأتصدق كلما استطعت ذلك، دائما أشعر بأن الله يحبني ويحميني، وكل ما يحدث لي هو خير بالتأكيد.

قررت أن أرقي نفسي بنفسي، وقرأت القرآن على الماء وشربته، وقمت بسماع الرقية الشرعية، وبدأت بترديد بعض الآيات ثم بدأت أردد آية (من شر حاسد إذا حسد)، وحينما أصل إلى ترديدها للمرة الخامسة أشعر بألم في رأسي مع اختناق واختفاء صوتي، ورعشة خفيفة في أصابع يدي.

خفت جدا مما حدث، وكلما حاولت تكرار ذلك تكررت معي هذه الأعراض مع دموع بدون بكاء.

هل هذه أعراض العين فعلا أم ماذا؟ وبماذا تنصحوني؟ لقد تعبت وأخاف أن أذهب إلى الشيوخ، فهل أستطيع أن أرقي نفسي بنفسي؟

أتمنى منكم الرد علي في أسرع وقت.

وشكرا لكم على هذا الموقع، وبارك الله فيكم.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- وردا على استشارتك أقول:
كوني على يقين أن الزواج رزق ونصيب يسير وفق ما قضاه الله وقدره، فكل شئون هذا الكون بما فيها الإنسان تسير وفق ذلك كما قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.

الحسد والعين حق؛ فلا تنكري أمرا ثبت في الشرع، فقد أنزل الله تعالى في كتابه الكريم ما يدل على ذلك صراحة ومنها قوله سبحانه: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد) وقال نبينا عليه الصلاة والسلام كما رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر).

قد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " ، وأخرج مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا) وفي حديث أسماء بنت عميس قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟ قال: (نعم، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين).

في مسند الإمام أحمد عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار ( اسم موضع ) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل، فأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: هل تتهمون فيه من أحد؟ قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت، ثم قال له: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه، وداخلة إزاره، في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه ، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس.

أنصحك أن تبحثي عن راق أمين وثقة لتشخيص حالتك، فإن تبين أنك قد أصبت بالعين أو الحسد وكنت تتهمين أشخاصا محددين فالعلاج الناجع في مثل هذه الحال أن يطلب منهم أن يغتسلوا كما مر في الحديث ومن ثم تغتسلين بذلك الماء وإن لم تكوني تتهمين أحدا بعينه فعليك بالرقية بحضرة أحد محارمك حتى تبرئي بإذن الله تعالى، ويمكنك أن ترقي نفسك بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية المأثورة فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( لا رقية إلا من عين أو حمة) والحمة اللدغة وجاء جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك ).

الرقية من جملة الأدوية والعلاجات الشرعية والداخلة تحت قوله عليه الصلاة والسلام: (ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله ألا فتداووا عباد الله).

من خلال ما ذكرت في استشارتك أنك تتأثرين أثناء الرقية فهذا مؤشر على أنك فعلا قد أصبت بحسد والله أعلم.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة وسلي الله تعالى أن يشفيك ويعافيك وتحيني أوقات الإجابة ومنها ما بين الأذان والإقامة وفي الثلث الأخير من الليل.

وثقي صلتك بالله تعالى واجتهدي في تقوية إيمانك وأكثري من العمل الصالح فالحياة الطيبة لا توهب إلا بذلك يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

نسأل الله تعالى لك الشفاء وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك إنه سميع مجيب.