اكتئاب وقلق وفقدان الشعور بالحياة وضعف تركيز.. ما نصيحتكم؟

0 105

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 24 سنة، أعيش مع والدين كبيرين في السن كلاجئين، على الرغم من أني مجتهد دراسيا -كما كنت أعتقد- إلا أني فقدت الثقة بنفسي في آخر سنة دراسية بكلية الهندسة، لشعوري بأنني لم أتعلم شيئا، وتراكمت الأمور والمشاكل الأخرى علي دون محاولة لإيجاد حلول لها، أصبحت ألجأ إلى النوم للهروب من مسؤولياتي، على الرغم من معرفتي بأنها ليست الحل، مللت الخروج والتنزه، وكل شيء، حتى الأكل آكل كثيرا أحيانا، وأحيانا لا آكل أبدا.

أحاول أن ألجأ إلى الله دائما، لمعرفتي أنه هو القادر على مساعدتي، لكن مع ذلك لدي تقصير بالصلاة والعبادات بشكل عام، مرور الزمن علي بلا علم ولا عمل ولا رضا للوالدين يشعرني بالذنب أكثر فأكثر، ولا أعرف من أين أبدأ من جديد، لا أريد أن أكون نفس الشخص السابق، ولا أستطيع رسم ملامح شخص جديد بهذه النفسية المرهقة، ضغوط البيئة والأشخاص الناجحين المحيطين بي أتعبتني لشعوري بالتقصير، ولماذا لا أكون مثلهم، لم أعد أثق بكلام الأطباء، ولا أحد، وأشعر بأن الكل لديه مصالح مادية فقط، ولا أحد يكترث لأحد.

انصحوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أخي الكريم، وردا على استشارتك أقول: كان من المفترض أن تكون الحالة التي تعيشها محفزة لك على الانطلاق والإبداع والنجاح لا أن تصاب بهذا الإحباط الكبير، فالإبداع ينطلق في الغالب من رحم المعاناة ولو قرأت في تاريخ المبدعين لوجدت أنهم عاشوا حياة صعبة، وكانت سببا في أن يصيروا من العظماء المبدعين الذين وصلت لمساتهم لجميع الناس.

كيف يصح أن تقول إنك لم تتعلم شيئا؟ وقد اجتزت كل سنوات دراستك في كلية الهندسة، فما كان لك أن تصل إلى هذه المرحلة لو أنك لم تتعلم شيئا.

الذي يبدو لي أن هذه مجرد وساوس استسلمت لها واستمرأت الحال التي أنت فيها، ومن طبيعة النفس البشرية الاسترواح للدعة والراحة، والخروج من أي مشكلة لا يكون بدفنها أو تجاوزها، ولكن بإيجاد الحلول المناسبة لها والعمل على تلافي أسبابها حتى لا تتكرر.

يجب أن تتحفز همتك للخروج من الوضع الذي أنت فيه فالحل بعد الله تعالى بيدك والآخرون إنما هم مجرد عوامل مساعدة ومساندة كالمريض والطبيب فالطبيب إنما يشخص المرض ويصف للمريض الدواء فإن لم يستخدم المريض ذلك الدواء لن يتعافى من مرضه.

من العلاج النافع لحالتك أن تستقيم على أمر الله وأن توثق صلتك به وتجتهد في تقوية إيمانك من خلال أداء ما افترض الله عليك ومن ثم الإكثار من العمل الصالح الذي سيكون سببا في تقوية إيمانك، وعليك أن تصاحب الأخيار أصحاب الهمم العالية؛ لأن الصديق الصالح يدلك على الخير ويعينك عليه وتستفيد من أخلاقه وسلوكياته، ولا بد أن تخالط الناس وتتنافس مع المتنافسين سواء كان في مجال التعبد، أو في الأمور الدنيوية المباحة، وعليك أن تكون متوازنا في حياتك.

الحياة لا تصفو لأحد، فتارة فرح وأخرى حزن، تارة سهلة ميسرة وأخرى صعبة معقدة، فهذه سنة الحياة، ولو كانت تصفو لأحد لصفت لأنبياء الله ورسله وعباده الصالحين فإذا علمت هذا تقبلتها بحلوها ومرها.

الزمن يمر ولا ينتظر كما ذكرت في استشارتك، وعليك أن تبدأ من حيث انتهت بك مع تصحيح مسيرة الحياة، وأخذ العبر والدروس مما مضى، فما كان إيجابيا قويته، وما كان سلبيا تركته واستعضت به أمورا إيجابية، ويجب أن ترسم خطة لمستقبلك وتجعل لنفسك أهدافا لتصل إليها مع ذكر الوسائل المشروعة التي توصلك لتلك الأهداف، واستفد من حياة المتميزين، واقرأ كثيرا في سير الفضلاء والناجحين، واقتد بهم في حياتك.

أكثر من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى، وأنت ساجد وسله أن يعينك ويوفقك ويأخذ بيدك، وكن على يقين أن الله لن يرد يديك صفرا.

يجب أن تكمل دراستك من حيث انتهيت، فأنت في السنة الأخيرة من الدراسة في كلية الهندسة فأكملها، ومن ثم ستجد بإذن الله فرص عمل في هذا المجال، فلقد كان اختيارك موفقا، وارتق بنفسك وحسن من مهاراتك، وطور ذاتك واشغل وقتك في كل أمر يعود نفعه عليك في الحال والمستقبل.

أنصحك أن تبحث عن مكتب هندسي لتتدرب عندهم خلال فترة الإجازة حتى إذا تخرجت مارست عملك مباشرة، فالدراسة النظرية غير الممارسة العملية.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات