أعاني الخوف والقلق من مختلف المواقف... فهل يمكنكم مساعدتي؟

0 99

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعاني من الخوف الشديد عندما أتعرض لمواقف لا أحبها، مثل رؤية معاكسات في الطريق، أو موقف سرقة، أو حادث سيارة، أو غريب يتكلم بطريقة غير طبيعية، أو عندما أرى متسولا.... إلخ.

منذ صغري وأنا أعاني من القلق والخوف، ولا أستطيع أن أنسى ما حدث، حتى لو كان موقفا عاديا بالنسبة لأشخاص آخرين، فأظل خائفة ولا أستطيع تجاوز أي شيء لا أحبه وأتعرض له.

مررت بتجارب كثيرة ومواقف من الممكن أن تكون بسيطة لأي شخصا آخر، ولكنني لا أستطيع تحملها أو تجاوزها، قلقي يستمر كثيرا ويبقى عالقا في ذهني، حتى الأماكن التي أرى فيها موقفا ضايقني، أو حادث تعرضت له لا أستطيع أن أرجع لها مرة أخرى.

لا أستطيع تجاوز ذلك الخوف، مع العلم أنني مازلت أقابل الناس وأخرج في أماكن كثيرة، لكن الخوف دائما يسيطر علي، وعندما أتعرض لموقف ما لا أتحمله، ولا أستطيع نسيانه إلا بعد مدة طويلة جدا.

دائما أقول في نفسي لا يمكن أن أخرج بدون أخي، حتى أشعر بالأمان، ودائما أفرح عندما يقوم بتوصيلي إلى أي مكان، ولكن أشعر بالقلق عندما تقوم أختي أو أمي بنفس الفعل.

توفي والدي منذ سنوات، وكنت أعاني من نفس الشعور قبل وفاته، والآن ازداد كثيرا، ولا أحب أن أخرج من البيت إلا للضرورة، كالخروج للعمل أو الدراسة.

أنا لا أستطيع تحمل حياتي كذلك، وأعلم أن الدنيا لا تسير على خط مستقيم، فهناك مخاوف كثيرة، والقلق موجود، أصبحت لا أتحمل أي موقف أتعرض له حتى لو كان بسيطا ويحدث بشكل عادي، لا أحب أن أرى الخطأ، ولا أحب الاستماع عن الحوادث، ولا أستطيع أن أرى أي فعل يخالف طبيعة الإنسان السوي، ولا أستطيع تحمل أي موقف سلبي من الممكن أن يتعرض له أي إنسان في الحياة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sak حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يكتب لك العافية والمعافاة والسلام، وأن يرحم والدك وأمواتنا، وأن يجمعنا بهم في الجنة دار السلام.

الخوف غريزة وفطرة، والإنسان بحاجة إلى خوف يبعده عن التقصير في طاعة ربنا القدير، وخوفه يبعده عن مواطن الهلاك، ويخاف من عواقب التفريط والتقصير، والخوف من الوقوع في كل ما يذم ويعاب، وكل ما ذكر من الصور مطلوب ومفيد.

والخوف من الله من قواعد النجاة، لأن من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة، والمؤمنة بحاجة للخوف والرجاء، وهما لأهل الإيمان كالجناحين للطائر.

وينبغي للإنسان أن يغلب جانب الخوف في أيام العافية، ليندفع في فعل الفضائل ويبتعد عن الرذائل، وعليه في اللحظات الأخيرة أن يغلب جانب الرجاء حتى يمضى وهو يحسن الظن بالله الكريم الرحيم الغفور سبحانه.

أما بالنسبة للخوف المذكور في السؤال، فهو خوف زائد عن الحد، وهو بالتالي معقد ومشكل ويحتاج للعلاج من أهل الاختصاص، حتى يقفوا مع المريض ويعودوا معه إلى الأسباب والمواقف التي أسست للخوف المرضي، ثم تبدأ رحلة العلاج، ونبشرك بأن في موقعك مختصين في علم النفس ومتخصصات.

وسوف أضع معك بعض القواعد والخطوات المهمة:
1- عليك بكثرة الدعاء والتوجه إلى من يؤمن الخائفين ويدافع عن المؤمنين.

2- عليك بكثرة الذكر، فبذكر الله تطمئن القلوب، قال سبحانه: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

3- ننصحك بحسن الفهم للتوحيد، واعلمي أن أهل الأرض لو اجتمعوا وخططوا وكادوا ليضروك فلن يستطيعوا إلا إذا كان القدير قد قدر عليك، قال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}.

4- تبديل القناعات السالبة، وحسن الظن بالناس، لأن الأصل فيهم هو الخير والرفق واللطف، وهي قيم عابرة للقارات، وشفقة ورحمة غرسها الخالق حتى في نفوس الحيوانات.

5- ملاحظة اللطف الإلهي فما من حادث أو موقف إلا وجدنا فيه معاني اللطف التي من أولها أن الضرر لم يكن أكبر مما حصل، ثم علينا تذكر الأجر المترتب على البلايا والمصائب، مع ملاحظة النعمة في سلامة الدين.

6- الالتزام بقواعد الشرع الذي يجعل خروج المرأة مع محرم أو مع جماعة من نساء أهلها، وهذه واحدة من حكم الشرع، لأن المرأة كائن عاطفي لطيف لا يقوى على الصعاب، خاصة ما يحصل في ميادين الحياة، فالمرأة مهيأة للتربية والعطف والرعاية، وهي الأضعف قلبا وشعورا بالأمان أكثر مع الشقيق في مكانه، وهو تأكيد على عظمة الشرع، فليت أهل الغفلة ينتبهوا ويتعرفوا على عظمة هذا الدين.

7- الحكم على الناس ليس بمظهرهم، أو بارتفاع أصواتهم، فكم من إنسان عظيم الجثة والمظهر مخيف المنظر لكنة من ألطفهم وأكثرهم شفقة ورقة، وهذا بلا شك مما لمسته في مسيرتك، فربما خفت من سائل محتاج وهو في الحقيقة في غاية الضعف.

8- من المهم التواصل مع المختصين، والدخول فى برامج عملية للعلاج، وأذكر أنني وجدت أطفالا يخافون من حيوان صغير، فجلست معهم وقلت لهم هذا حيوان لطيف صديق أليف، وهو القط، وكلمتهم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ثم رفعت يدي فهرب القط، وطلبت منهم مطاردته، فزال ما في نفوسهم، حتى اضطررت بعدهم لدعوتهم للشفقة على القط.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونذكرك بأن الأمل الشامل لا يحصل إلا لأهل الإيمان، قال تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون}.

وفقك الله للخيرات وحفظك وسدد خطانا وخطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات