السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد استشارتكم في مشكلة خطيبي والتي يعاني منها منذ سنتين أو أكثر، وهي مرض الوسواس في الصلاة والطهارة.
عمره 22، طالب جامعي، ويعمل، وله نشاطات تطوعية وشبابية اجتماعية كثيرة، عقل راجح ومفكر وقلب طيب جدا، شخصية مرحة ومبهجة، ولكن كل ذلك يأفل مع آثار الوسواس الذي دمر نفسيته شيئا فشيئا، كانت حالته أصعب منذ مدة ورغم تحسنه البسيط إلا أن ذلك انعكس عليه كثيرا، فهو دائم الضيق وكتمان الحزن، يبكي على صلاته.
أرجوكم دلوني على حل لهذه المشكلة، أين يمكن أن نبدأ في العلاج؟ من ذاته وفكره أم ماذا؟ أنا أخاف من الأدوية كثيرا، وأريد معلومات مطمئنة وأساليب ناجحة، خصوصا العلاج السلوكي، أريد كل النقاط المهمة التي يجب أن نعملها حتى نصل لنتيجة مرضية ونهائية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منتهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على اهتمامك بأمر خطيبك، والعمل على مساعدته .
الوساوس القهرية ذات المنشأ الديني موجودة وسط الشباب المتدين في بعض الأحيان، وهي إن شاء الله دليل على حسن الخلق والدين، ولا شك أن الوساوس أفكارا كانت أم أفعالا تتسلط على الإنسان لدرجة مزعجة، ورغم إيمانه بسخفها إلا أنه يضطر لاتباعها والقيام بها؛ حتى لا يصاب بالقلق .
العلاج السلوكي يقوم على مبدأ عدم اتباع الوساوس، ومقاومتها، ففي حالة هذا الأخ الفاضل عليه أن يصلي دائما مع الجماعة، أما النوافل والسنن فبالطبع سوف يصليها بمفرده، وعليه أن لا يعيد الصلاة مهما انتابته الشكوك، وقد أجاز العلماء الأفاضل ذلك، كما أنه من الضروري بالنسبة له أن يحدد الزمن الذي سوف يستغرقه في الصلاة، وأن لا يزيد عليه مطلقا، ويمكنه أيضا أن يصلي بجانب أحد الإخوة ويطلب منه أن يراقبه في صلاته، ويخبره بعد ذلك إن كانت هنالك أي أخطاء في الصلاة أو زيادة أو نقصان، وسوف يتضح له أن صلاته صحيحة، وهذا في حد ذاته سيكون أمرا مشجعا له للتخلص من الوساوس.
أما بالنسبة لوساوس الطهارة، فهي كثيرة، والمبدأ الأساسي أن يحدد الإنسان أيضا وقتا معقولا للغسل والوضوء، ولا يتجاوزه أبدا، ولا يعيد وضوئه، كما أن عليه أن يحدد كمية الماء الذي سوف يغتسل أو يتوضأ به مسبقا، وأن لا يستعمل الماسورة (الحنفية) إذا كانت وسوسة من النوع الذي يحتاج فيه لكميات كبيرة من الماء (هذه الإرشادات السلوكية البسيطة أثبتت جدواها مع كثير من الذين يعانون من هذه العلة).
لا يمكن أن نتجاهل دور الأدوية الحديثة المضادة للوساوس؛ حيث أنها أثبتت فعاليتها دون أدنى شك، وهذا دليل قاطع على أن المكون البايلوجي يلعب دورا أيضا في نشأة واستمرارية الوساوس وليس السلوك المتعلم فقط.
الأدوية الحديثة سليمة جدا، وقد وجد أنها مدعمة للعلاج السلوكي، وعليه أرجو أن لا يحرم هذا الأخ نفسه من هذه الأدوية، فسوف تعجل بشفائه بإذن الله، كما أنها سوف تساعده في علاج الضيق والحزن المصاحب للوساوس، ومن أفضل الأدوية التي يمكنه استعمالها البروزاك أو الفافرين.
وبالله التوفيق.