السؤال
السلام عليكم..
أنا شاب عربي أعيش في أوروبا، توفي والدي في أول أسبوع من رحيلي، وكنت سافرت للدراسة، فعدت وحضرت مراسم الدفن، وكانت العائلة كلها متأثرة بوفاته بما أنه لم يكن يشكو شيئا، وبعد مرور شهرين على الدفن كنت مضطرا لأن أختار إما السفر أو البقاء، شاء الله أن سافرت.
وبعد سفري فوجئت بأن أصبحت العلاقة بين أمي وعمتي تستاء، ولأسباب كان أغلبها عدم قراءة عواقب ما يخرج من الألسنة، ورغم محاولتي إيقاف ذلك من مكاني إلا أني فشلت، وزاد الأمر سوءا أن الأمر امتد إلى الأبناء فساءت العلاقة بين إخوتي وأبناء العمة والعم.
ولما عدت حاولت أن أصلح ولكن كل طرف يرى أنه هو على حق، مع العلم أن والدتي هي التي ظلمت بما أنها لم تلق دفعا معنويا، بل خلقت لها مشاكل هي في غنى عنها، كما أرى أنها لم تتجنب الرد على ما يقال، بل ردت ووصلت معهم إلى طريق مسدود.
أسأل الله أن أجد حلا عندكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن فساد ذات البين هي الحالقة التي تحلق الدين، ولا يفرح بقطيعة الرحم والتهاجر بين المسلمين إلا عدونا الشيطان الرجيم الذي يفرح لوقوع التقاطع والتدابر والتباغض، وقد يئس الشيطان أن يعبده المصلون لكنه رضي بالتحريش بينهم.
والإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال، فكيف إذا كانوا أرحاما؟! قال تعالى: ((لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس))[النساء:114].
ومما يعينك على النجاح في الإصلاح ما يلي:
1- الإخلاص لله في هذا العمل؛ فإن الله يبارك في المخلصين وفي أعمالهم.
2- أن تحسن الاستماع لكل الأطراف قبل أن تصدر أحكاما.
3- أن تبين للجميع خطورة الهجران والقطيعة، وأن أعمالهم لا ترفع حتى يصلحوا ما بينهم.
4- أن تحاول إبعاد النمامين الذين يفسدون ولا يصلحون.
5- أن تنقل لكل طرف أحسن ما سمعت عنه من خصمه، فالمصلح يقول خيرا وينمي خيرا.
6- أن تنفرد بالعقلاء وتذكرهم بالله، وتطلب منهم المبادرة بالصلح والإصلاح.
7- أن تجتهد في إزالة أسباب العداء والخصام.
8- أن تدعو الجميع إلى حفظ اللسان لأننا محاسبون بما نتكلم به.
9- أن تدعو الجميع إلى نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة.
10- أن تبين لهم ثواب الذي يبادر بالصلح، وأن خير المتخاصمين هو الذي يبدأ بالسلام.
11- أن تبين لهم خطورة هذه الخصومات على أبنائهم ومستقبل حياتهم.
12- أن تعود نفسك حسن الاستماع وحسن التصرف، وعليك بتقوى الله وكثرة اللجوء إليه، فإنه سبحانه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، واحرص على معاملة الجميع معاملة واحدة، وليسعهم منك بسط الوجه ولين الكلام، وواصل هذه المهمة الشريفة ولا تيأس.
ونسأل الله أن يلم الشمل على يديك، وأن ينفع بك أسرتك والبلاد والعباد.