السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب جامعي أصلي من الجزائر، حاليا أقيم في اليابان، وأدرس في جامعة يابانية لأحصل على شهادة الدكتوراه، هدف البحث الذي أقوم به هو فهم الآلية التي يستعملها العقل للتحكم بالعضلات.
إذا تمكنت من إنهاء هذا البحث سيصبح من الإمكان التحكم بأذرع آلية بدقة باستعمال العقل فقط، وهذا ما يؤرقني.
يمكن استعمال نتائج هذا البحث في مساعدة المعاقين، وفي فهم عقل الإنسان أحسن، ويمكن أيضا استعمالها في التحكم بآليات عسكرية تستعمل للقتل والتدمير.
هذه الأفكار لا تفارق بالي، وأخشى أن يكون بحثي إثما جاريا يصلني وزره حتى بعد موتي.
أنصحوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- بارك الله فيك – أخي العزيز – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلا الله تعالى أن يرزقك التوفيق والسداد والنجاح والتميز في دراستك، ويمن عليك بسعادة الدنيا والآخرة.
- لا شك أن التخصص العلمي الذي تدرسه أنه من حيث الأصل مهم ومشروع، وذلك فيما ذكرت في إسهامه لمساعدة المعاقين وفهم عقل الإنسان ونحوه، فاستحضر هذه النية الصالحة والمقصد الكريم في مساعدة المسلمين عسكريا وعموم المرضى والمحتاجين صحيا.
- وأما عن خشيتك الإثم في احتمال أن تسخر دراستك في التحكم بالآليات العسكرية في القتل والتدمير، فهذا ولا شك خلاف الأصل، وعليه فلا ينبغي الالتفات إليه واعتباره؛ كون ما من شيء أو وسيلة أو آلة أو جهاز إلا ويمكن تسخيرها في الفساد والشرور، فالعبرة بأصل الشيء من حيث الحل والحرمة.
- نعم، يعتبر في الحكم على فقه العواقب والمآلات، لكن بشرط القطع والجزم أو غلبة الظن في استعمال الشيء في المحرم، ولذلك ذكر العلماء تحريم بيع السلاح أيام الفتنة، وتحريم بيع العنب لمن يتخذه خمرا، وإلا فالأصل إباحة بيع السلاح والعنب كما هو معلوم.
- فإذا كنت جازما بتسخير دراستك في المحرم فلا يجوز تقديم هذه البحوث في أعمال الفساد والإجرام، قال تعالى : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
- والقرائن قوية فيما يظهر في أن الأصل في دراستك الحل والإباحة، بدليل كون دراستك في بلد يغلب عليه السلمية والنفع العام وعدم الجنوح إلى الحرب والإضرار بالأبرياء، خلافا فيما لو قدم البحث إلى دولة محاربة.
- ولذا فإني أبارك لك هذه الدراسة وهذا التخصص، وأوصيك بتوفير النية الصالحة في خدمة المسلمين وعموم الناس أجمعين، وأدعوك إلى عدم الالتفات للاحتمالات الضعيفة والقرائن غير القوية وغير الظاهرة.
- أوصيك بالمداومة على الدعاء والذكر، وقراءة القرآن، ولزوم الصحبة الصالحة، والنية الطيبة، والاهتمام بدراستك.
وفقك الله لكل خير، وفي الصحيحين: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، والله الموفق والمسـتعان.