السؤال
السلام عليكم..
الدكتور الكريم/ محمد عبدالعليم.
أقدم لك الشكر على سعة صدرك ومنهجك العلمي في الرد على الاستشارات.
أنا أبلغ من العمر 46 سنة، متزوج ولدي أسرة مستقرة، وفي عام 2003 وأثناء بناء منزلي فجأة شعرت بغربة وخوف من الموت والمستقبل، وعدم الاستمتاع باللحظة رغم أني إنسان متفائل، وعلاقتي الاجتماعية ممتازة جدا.
ذهبت إلى زميل لي يعمل استشاريا في الطب النفسي في الجامعة، وشخص حالتي باضطرابات قلق عام، ووصف لي دواء لوسترال 25 ملجم لمدة 10 أيام، وبعدها رفع الجرعة إلى 50 ملجم، واستمررت عليه لمدة عامين، ثم توقفت ومارست حياتي طبيعيا، ثم بعد عام ونصف من قطع الدواء رجعت الحالة، فاتصلت بالطبيب، وقال لي عاود أخذ الدواء كما وصفت لك. ورجعت لتناول اللوسترال لمدة سنة ونصف، ثم قطعته، وإلى الآن منذ قطع العلاج ما يقارب 4 سنوات، وبدأت نفس الأعراض الفكرية تعاودني، وبحكم أن تخصصي علم نفس، وأقدم استشارات نفسية وسلوكية (غير دوائية) أستطيع التغلب على بعض الأعراض.
ما يؤرقني أنه أحيانا تأخذني أفكار أحيانا في قصة انتحار شخص من المجتمع المحيط بي، كيف حصلت؟ ولماذا انتحر؟ وماهي الأسباب؟ وكلما تذكرت انتحاره أخاف أن يستمر التفكير فيه مستقبلا، وتستمر الفكرة حتى ألحق الأذى بنفسي، بمعنى أخاف من الانتحار وليس تفكيري في الإقدام على الانتحار.
لكني وجدت أني أعيش حياة طبيعية وهدوء، وأخرج من الفكرة بنسبة 70% بحكم دراستي وما تعلمته من تقنيات معرفية وسلوكية.
حاليا وضعي مستقر لكن خوفي من معاودة الفكرة يصل إلى 30 %، فهل تنصحني بمعاودة استخدام اللوسترال بنفس الجرعة السابقة، أم أكتفي بالعلاج السلوكي وممارسة والرياضة؟
علما أني أجيد مهارات كثيرة في الاسترخاء، وخط الزمن والتنفس، لكن حتى أكون صادقا معك فإني مقل فيها تجاه نفسي، ولو كان غيري من يطلبها قدمتها له بكل سرور وسرعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ابن العسيري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: بالفعل أعراضك هي أعراض متقطعة وسماتها الأساسية هي قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي، وأنت أحسنت بأن قابلت أحد الزملاء الأطباء المختصين للتأكيد على التشخيص، وكذلك للخطة العلاجية، وبفضل من الله تعالى أنت مدرك تماما بالآليات العلاجية السلوكية وكذلك الاجتماعية.
أخي أنا أقول لك: لا تنزعج؛ لأن بعض الناس أصلا لديه شيء من الاستعداد لقلق المخاوف أو الوساوس، وأنا متأكد أن القلق قد ساعدك لتنجح في الحياة في أشياء كثيرة جدا، فهو ليس كله سيئ، لكن قطعا حين يزيد عما هو مطلوب تكون له بعض الآثار والأعراض السلبية.
أرجو أن تواصل – أخي الكريم – في برامجك السلوكية والاجتماعية، وممارسة الرياضة يجب أن تكون في رأس أسبقيات ما تقوم به.
بالنسبة للفكرة الوسواسية حول الانتحار: كما تدرك وتعلم –أخي الكريم– هذه الأفكار يجب أن تحقر، وحتى المقاومة لها أنا لا أؤيدها كثيرا، لأن الإنسان إذا قاوم الشيء يعني أنه قد أعطاه اعتبارا، لكن حين يكون هنالك تجاهل منذ البداية وصرف الانتباه هذا أمر جيد.
وأريدك أن تستبدل هذه الأفكار حين تأتيك بفكرة أخرى، تأخذ سياق القرآني العظيم {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}، رددها عدة مرات، أنا متأكد أنها سوف تزيح الفكرة الوسواسية، أنا أعرف أنك لن تقدم على الانتحار، ولا تفكر فيه، لكن وجود الفكرة بصفتها التي ذكرتها قطعا مزعجة، وللفائدة راجع تحريم الانتحار والتفكير فيه: (262983 - 110695 - 262353 - 230518).
أخي: قطعا يجب أن ترجع لتناول الدواء، لأن المكون البيولوجي للقلق الوسواسي والمخاوف لا نستطيع أبدا أن ننكره، فهو موجود وأكيد، وبفضل من الله تعالى اللسترال دواء متميز وسهل التناول، وقليل الآثار الجانبية، ولا يسبب الإدمان، وأنا أعتقد في هذه المرة: أن ترفع الجرعة تدريجيا حتى مائة مليجرام – أي حبتين – في اليوم، لأن الدعم الكيميائي الإيجابي يطيل حقيقة من فترة التعافي والشفاء إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.