السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أرجو من حضرتكم تفسير ما يحدث لي: منذ طفولتي أحببت الدراسة حبا جما، فقد كنت كثيرة التفكير فيها، وأعمل كل ما في وسعي للحصول على المراتب الأولى، وكلما فشلت في ذلك أبكي بكاء شديدا حتى إني أبكي دون سبب، أبكي بمجرد رؤية الآخرين، ولا أتوقف عن فعل هذا حتى أعوض ما فاتني، وكنت أحقق ما أريده، مع تشجيعات والدي لم أكن أعرف الفشل.
وعندما انتقلت إلى الإكمالية أصبحت متفوقة في مادتي الرياضيات والفيزياء اللتين تعتبران أصعب المواد بالنسبة للآخرين، فقررت دراسة الرياضيات عندما أحصل على شهادة البكالوريا، ولما انتقلت إلى الثانوية بدأت المشاكل تتهاطل على عائلتي الواحدة تلو الأخرى، حيث توقف إخوتي عن الدراسة، مما أحزنني كثيرا بسبب عدم قدرة والدي على تغطية مصاريف الدراسة، واشتد بنا الفقر وكان مؤلما جدا رؤيتي لإخوتي وهم دون دراسة، دون أكل، دون ملبس، فأخي الكبير انحرف، وأختي الأخرى أصيبت بفقر الدم، والآخرون صغار لا يعون ما حولهم.
عذاب عائلتي ورؤية الآخرين يستهزئون بوالدي كان يزيد من إرادتي، وكان أبي يشجعني، فكنت أعمل ما بوسعي لكي أدرس، في العطل أعمل الأعمال الشاقة لكي أتحمل مصاريف الدراسة، تحملت سخرية الآخرين مني: من لباسي، من المنزل الذي أسكن فيه، ولم أكن أبالي بأي شيء، حتى وصلت إلى العام الذي أجتاز فيه شهادة البكالوريا، حيث شاء الله أن يتوفى والدي قبل 3 أشهر من تاريخ امتحان شهادة البكالوريا؛ مما كان لهذا تأثيرا كبيرا على نفسيتي، حيث لم تعد لي رغبة في العيش ولا الدراسة.
ومما كان يزيد في عذابي رؤية أمي التي تبكي ليل نهار، ومعاناتها مع ولد متعاطي المخدرات، وعدم القدرة في تحمل المسئولية، وهنا أصبحت أعاني من آلام في الرأس، ومن قلق شديد، وأعصاب منهارة، فلم أعد أستطيع التركيز في دراستي، وأصبحت أشعر بالملل وبدأت أفقد الأمل في الحصول على شهادة البكالوريا، لكنني تحصلت عليها وبمعدل ضعيف فلم أتمكن من التسجيل فيما كنت أرغب فيه، فسجلت في فرع آخر، طبعا لم أكن أحبه، وهنا بدأت أعاني من اضطراب في الشخصية، فلم أعد أملك الثقة بالنفس، وأصبحت أخاف من كل شيء، وأخجل من نفسي خاصة أمام زميلاتي اللاتي تحصلن على نتائج أحسن مني، وأصبحت معقدة وعنيفة وغيورة.
أصبت بالاكتئاب مدة دراستي في الجامعة، وكنت أبكي كلما سمعت بالمتفوقين، وبعدها رضيت بقضاء الله وقدره، وقررت السفر لفرنسا، وعند وصولي أردت إكمال دراستي، وفعلا سجلت في الجامعة، وعند دخولي تفاجأت، ولكن الخوف بقي مسيطرا علي والخجل، وبما أنني لا أتقن جيدا اللغة الفرنسية اشتد بي الخوف، ونظرا للنتائج السيئة أصبحت أخجل من رؤية الأساتذة والتكلم معهم، فقد أصبحت كالحمقاء لا أبالي بالدراسة أفعل أي شيء لكي أنسى هم الدراسة، لكن كلما أتذكر الدراسة وأهميتها ترتفع درجة حرارتي وأحس بالضياع، لا أبذل أدنى جهد وأقول لا بأس، ومن جهة أتأسف على حالتي.
لم أفهم ما العمل؟ لماذا أحيانا لا أبالي وأحيانا أخرى أندم كثيرا وأحزن، ما سبب كل هذا؟ هل هي تضحيات الماضي التي ذهبت هباء منثورا أم تغير المجتمع وعدم الثقة بالنفس؟ ولماذا أصبحت أعاني من كل هذه الاضطرابات؟ وما هو الحل؟ أخاف إن توقفت عن الدراسة أن أندم، وأحس أني لا أستطيع المواصلة لأني ضعيفة وفاشلة، أخاف من الزواج برجل متفوق ولا أريد الزواج بالفاشلين مثلي.