السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة تبدأ كالآتي: أنا شاب عندي زيادة في وزن الجسم، زيادة (10- 15) كيلو عن المعدل الطبيعي، وشكلي ليس بالجميل كسائر الشباب، فأردت أن أذهب إلى النوادي الرياضية؛ لأنحف بسرعة؛ لكي أعود إلى مدرستي في العام القادم وأفاجئ زملائي، وبالفعل ذهبت إلى النادي، ولكن هذا النادي يضع الغناء الفاحش المثير للفتن والشهوات، فقلت في نفسي: إنما الأعمال بالنيات، وأنا أتيت إلى هنا لكي ألعب الرياضة، وأنحف وأقوي بنية جسدي. ولكن مع استمرار سماعي للغناء أدى في نفسي إلى ترك الصلاة للأسف وبدون أن أشعر -سبحان الله!- بعد ما كنت أصلي وأدعو الناس إلى الصلاة.
وقد أدى هذا في نفسي إلى حب سماع الأغاني التي سمعتها في النادي، وعندما سمعت أغاني النادي لم أكتف، بل أردت أن أكتشف المزيد وأسمع المزيد من الأغاني -وسبحان الله- بعد ما كنت أمنع بعض أقاربي من سماع الأغاني وأحذر الناس والأقارب من الأغاني وضررها وبأنها معصية، وكذلك استمر حالي، واليوم يكون اليوم 12 أو 14 لي في النادي، ولي 10 أيام أسمع أغان و10 تارك الصلاة.
وأنا تقدمت باستشارة إلى الدكتور أحمد الفرجابي؛ لأني أعشق أي بنت جميلة، فأنا أعشقها إلى الآن، والأغاني التي أسمعها تهدئني وتواسيني، ولا أستطيع الاستغناء عنها، فهي من يواسيني، وهي من أشعر بأنها تقول الذي في قلبي بصراحة، وهي التي أميل إليها. وسألت شيخا فقال: اسمع قرآنا أفضل لك، ولكن لنتكلم بكل صراحة: شاب في سن المراهقة يعشق فتاة ما، فنفسه سوف تميل أكثر إلى القرآن أم إلى الأغاني؟ فسوف يميل إلى الأغاني.
وأقول بصراحة: إن سماعي للأغاني يواسيني؛ لأني لا أرى الفتاة ولا أتكلم معها، ولا يحصل بيننا أي شيء، فلو تركت الأغاني سوف أتعب كثيرا؛ لأن ذلك هو الذي يواسيني. مع العلم بأن الملتزمين بالدين في حينا قلة، أعني: نادرا ما تلاقي واحدا ملتزما بالدين، ولا يسمع أغان، (هذا إن وجدت!!).
السؤال:
1) هل أبقى في النادي؟
2)هل أسمع الأغاني وأصلي وأستغفر بعدها؟
3:)ما الحل لنفسي التي تعشق بنتا ما ولا تستطيع نفسي نسيانها؟
4)لا أحب أن أجلس إلا مع الراديو والأغاني، فماذا أفعل؟
5)ماذا أفعل مع أقاربي الذين علموا بطريقة ما وأصبحوا يعايروني؟ مع العلم أنني تبت من زمان 4 - 5 مرات من الغناء، فماذا أقول لهم؟
6)أنا محرج من هذا السؤال: قال لي الدكتور أحمد فرجابي إذا تذكرت فتاة جميلة تذكر عيوبها، فالجمال نسبي، أقول لكم فعلت مثلما قال الدكتور، ولكن لم أستفد، حتى الأشياء القذرة التي فيها أصبحت أعشقها. فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إحسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
شكرا لك على هذه الصراحة، ولا داعي للحرج، فنحن في مقام الأب الحنون والأخ الشفيق، ويسعدنا أن يفتح لنا الشاب صدره، ويعبر عن كل ما يجول في نفسه. ونسأل الله أن يعيننا على حسن الاستماع وحسن التوجيه.
واعلم أنه ليس عيبا أن تظل سمينا، ولكن العيب في أن تظل مستمعا للأغاني، ميالا إلى المزمار الشيطاني، حريصا على إطلاق بصرك في الغاديات والرائحات.
ولاشك أن هناك أندية أخرى ووسائل عديدة لتخفيف الوزن، فلا داعي للبقاء في هذه البيئة التي لا تعين على ذكر الله والصلاة، فعجل بالتوبة وبالخروج من هذا النادي، واجتهد في ترك سماع الأغاني؛ فإنها بريد الزنا ومهنة الفساق، وسماع الأغاني يذهب الحياء ويضيع المروءة، وقد اعترفت بآثار الأغاني السيئة عليك، وأنت لا زلت في البداية. ونسأل الله أن يعصمك من الدخول إلى الوسط الفني الذي تفوح منه روائح المخدرات والموبقات. وهذه شهادات التائبين من أهل الفن، مع أن العاقل لا يحتاج لمن يشهد بذلك؛ لأن المحاكم والصحف تطفح بتلك الفضائح والرزايا.
كما أن سماع الأغاني يؤثر على قلب الإنسان وعلى مستواه العلمي، وقبل ذلك يؤثر على التزامه بدينه؛ لأن كلمات الأغاني مخالفة للشريعة في معظمها؛ لأنها لا تخلو من كلمات شركية وألفاظ سوقية وعبارات غزلية، فكيف إذا صحبتها الموسيقى والحركات المائعة؟ أو قامت بأدائها عاهرة فاجرة عارية؟ فعليك بالمسارعة بالخروج من هذا المأزق.
ولا ينبغي للمسلم أن يقول: أسمع الأغاني ثم أستغفر وأصلي؛ لأن الله عليم بذات الصدور، هذه الخديعة لا تنطلي على الناس، فكيف برب الناس الذي لا تخفى عليه خافية؟ وإذا سمع الإنسان الأغاني وأطلق بصره في وجوه العذارى فلن يخشع في صلاته، ولن يتمكن من ذكر ربه، وربما وصل به الأمر إلى العشق المذموم ثم إلى الشرك بالله، والعياذ بالله، وهل ترضى أن يحملق الشباب في وجوه أخواتك وقريباتك؟ فلماذا ترضى ذلك لنساء الناس؟
وأرجو أن تشغل نفسك بالمفيد، ولا تفكر في هذه الأمور قبل حلول وقتها، وتهيئة الظروف المساعدة لك على موضوع الزواج، وأرجو أن تبتعد عن المثيرات، وتتخلص من الوسائل الموصلة إلى الوقوع في الموبقات.
واعلم أن علامات صدق التوبة أن يهجر الإنسان بيئة المعصية، ويفارق رفاقها، ويتخلص من أدواتها، وينسى ذكرياتها، ويبرهن على صدق توبته بعمل الحسنات الماحية مع الندم والاستغفار والتطلع إلى رحمة الكريم الغفار.
وإذا كان أقاربك يعيرونك فماذا سيفعل بك الآخرون؟ فاتق الله وعد إلى صوابك، وإذا تبت إلى الله فسوف يبدل الله الأحوال، فإن الله يفضح أهل المعاصي، ويجعلهم محتقرين بين الناس.
أما بالنسبة لنصيحتنا لك بتذكر العيوب والقاذورات فهذا علاج ذكره ابن الجوزي رحمة الله عليه، وهو علاج نافع لمن يبتلى بهذا المرض؛ لأن العبرة ليست بجمال المظهر، فقد تكون حاملة لفيروز الإيذر، وقد يكون قلبها خاليا من الإيمان، وعند ذلك يصدق عليها ما قاله الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس كقنديل على قبر المجوس
وإذا تهيأت لك ظروف الزواج فاطلب صاحبة الدين، وركز على جمال الأخلاق؛ لأن جمال الشكل عمره محدود، وهو عرضة للزوال لأي سبب من الأسباب أو عارض من العوارض أو بفعل مرور الزمن وتقدم السن.
وفي الختام: أحيي فيك عناصر الخير، وأنصحك بالاهتمام بمرافقة الأخيار، وتلاوة كلام الرحيم الغفار، وأكثر من التوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
والله ولي التوفيق والسداد.