أشعر بأنني أصبت بالشيخوخة قبل أوانها

0 114

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم على أعمالكم الخيرة في هذا الموقع، وما تقدمونه من خدمات للأمة الإسلامية جمعاء، عسى المولى أن يكتبه في موازين حسناتكم، وينفع بكم المسلمين، أريد منكم نصائح و توجيهات تساعدني على الخروج من الحال السيء الذي أمر به.

أنا سيدة متزوجة منذ سنة 2007، وعمري الآن 37 سنة، لا أعلم إن كنت في مرحلة الشباب أم أنني دخلت مرحلة الكهولة، لكنني أشعر منذ زمن بعيد بشيخوختي، وأشعر أنني في السبعين، وهذا الإحساس سبب لي حزنا داخليا لا ينتهى، وانعكس ذلك على حياتي بصفة عامة، فأصبحت كلما أشعر بتوعك أرده لكبر السن، فضلا عن ظهور الشيب في مناطق عديدة في جسمي، يهزمني في كل مرة اكتشف فيها شيبة جديدة، حتى في حواجبي ورموش عيني وجدت الشيب.

أحيانا أتأقلم مع الوضع وأحدث نفسي بأنها نهاية كل إنسان، ولا مهرب منها، والمهم هو القبول عند الله وحسن الخاتمة، فأهدأ قليلا، لكن لا تطول هذه المدة كثيرا، أصبحت أرى نفسي بشعة ومسنة وجسمي أصبح يشبه العجوز، هذه نظرتي لنفسي، لكن نظرة كل من يراني يقول إنني أصغر من سني وجميلة، لكنني لا أشعر بهذه المزايا، حتى حيويتي فقدتها، وأصبحت حزينة على مدى الأوقات، وكلما أجد أولادي يكبرون أحس بشيخوختي أكثر، كلما أتذكر حدثا أحس أنه قريب، ولكن عندما أعد السنون أجدها بعيدة جدا، وأحس أنني كبرت فعلا.

أعلم أن الشيخوخة ليست عيبا، وإنما هي مرحلة عمرية، لكنني أعتقد أنني أحسست بها قبل أوانها، ولا أستطيع التخلص من هذا الشعور، آمل أني قد وفقت في تقريب الصورة لديكم، فهل من آراء مطمئنة لديكم تفيدوني بها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونؤكد لك أنك بسن الحيوية والعطاء، فاطردي عن نفسك الأوهام، وتطلعي إلى العمل، وانظري إلى الأمام، ونسأل الله أن يحقق لنا ولك في طاعته الآمال.

لا شك أن نظرة الناس الذين حولك وانطباعهم عنك هو الأصدق، وهو الحق، والناس شهداء الله في أرضه، وشهادتهم أدق في تقييم مثل هذه الأشياء، فالشباب والحيوية ونضارة الجسد تبدوا للناظرين، والناس بخلاء في الثناء، فإذا أعطوك شيئا أو شهادة، فأنت أحسن منها وأفضل.

فلا تقفي مع المشاعر السالبة، ولا تلتفتي لشيبة تظهر هنا أو هناك، واعلمي أن الشيب قد يظهر لأسباب وراثية، أو بسبب مواقف، أو مطعومات، أو مؤثرات خارجية، وليس من الضروري أن يدل على كبر السن أو تقدم أيام العمر، ولا يخفى عليك أن هم الشيطان هو أن يحزن أهل الإيمان، فعاملي عدونا الشيطان بنقيض قصده، وإذا هاجمتك الخواطر السالبة فادفعيها بالذكر لله، ثم بالانصراف للمفيد من الأعمال.

عندما حاول الخليفة الراشد عثمان بن عفان أن يعتذر لزوجته نائلة عن كبر السن، قالت له: نعم الشيب شيبك شبته في الإسلام، وهذا التصور يفتح لنا باب مهم، وهو تصحيح التصورات، وقد أسعدني قولك الشيخوخة ليست عيبا، فالعبارة صحيحة، بل نحن نقول هو وقار ومدعاة للاحترام، ونؤكد أنك لم تصل لمرحلة الشيخوخة.

وكان الرجل من السلف إذا رأى من هو أكبر منه قال: هذا أفضل مني لأنه سبقني للإسلام، وإذا وجد من هو أصغر منه قال: هذا أفضل منى لأن ذنوبه أقل، والعقلاء يحمدون الله على ما هم فيه، ويعتبرونه الأفضل، لأنه ما قدره الله، وكانوا يرون سعادتهم في الذي يقدره الله، بل كان قائلهم يقول: لو كشف الحجاب لما تمنى أصحاب البلاء إلا ما قدر لهم، لكونه الأفضل والألطف الذي اختاره لهم اللطيف الرحيم.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، واشغلي نفسك بالخير قبل أن يشغلك بغيره، وتجنبي الوحدة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد.

ونسأل الله أن يوفقك، وأن يذهب ما بك، وأن يجعلنا جميعا ممن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.

مواد ذات صلة

الاستشارات