السؤال
السلام عليكم.
يوجد لدي مشكلتان أرجو المساعدة في حلهما:
الأولى: أعاني من مشكلة الحقد على غيري طبعا بأسباب ولكن بعضها بسيطة ورغم ذلك لا أريد هذا الحقد وعدم التسامح بأي حجم كان، فبعض الأحيان يطال حتى المقربين مني جدا، لماذا هذا الحقد وعدم التسامح؟ وما هو الحل الجذري؟
الثانية: أريد معرفة معنى الإدراك الذي يتحدث عنه علماء التنمية البشرية، هذا العنصر الهام جدا في حياتنا وخصوصا في الصغر، وما هي أسباب ضعفه عند البعض؟ وما هي أشكال أمراضه؟ وما هي الطرق والوسائل الهامة في المستقبل لأحمي أولادي من ضعفه؟ والذي يعاني منه الآن ماذا يفعل برأيكم؟
مع جزيل الشكر لكم.
والسلام عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحقد -يا أخي- جعله الشرع من الصفات الذميمة، وسوف يفيدك في هذا المشايخ.
من الناحية النفسية، نرى أن الحقد سمة من سمات اضطرابات الشخصية لدى بعض الناس، وربما يحمل أيضا المنحى الانتقامي نسبة لظروف قاهرة وغير حميدة مر بها الشخص في تربيته في سنين العمر الأولى، ولكن -يا أخي- دائما على المؤمن أن يلجأ إلى مكارم الأخلاق، وأن لا يريد الشر لغيره، وكل ما لا يقبله لنفسه يجب أن لا يقبله للآخرين.
أنا في الحقيقة سعيد جدا أن ألاحظ في رسالتك أنك غير راض عن نفسك، بمعنى أنك تريد أن تتغير إلى ما هو أفضل، فلماذا يا أخي لا تحاول أن تستبدل هذه الصفة الذميمة بمحبة الآخرين، والعطف عليهم، ومساعدتهم؟ كما أني أرى أنك إذا لجأت إلى الجمعيات الخيرية، وشاركت في نشاطاتها المختلفة سيكون ذلك مفيدا لك جدا.
الحقد يسبب قلقا داخليا، ولذا سأصف لك علاجا مضادا -إن شاء الله- للقلق؛ حتى يخفف من كليهما (الحقد والقلق) وهذا الدواء يعرف باسم موتيفال، أرجو أن تتناوله بمعدل حبة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم ترفعها إلى حبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم حبة واحدة لمدة شهر آخر (الدواء بسيط وسليم وغير مكلف، ويمكن الحصول عليه بدون وصفة طبية) .
أما بالنسبة للإدراك، فهو من السمات التي خصنا الله تعالى بها، وهو المحدد الأساسي لاستيعابنا للمعلومات وتخزينها وتحليلها واستنباطها، والاستفادة منها عند الحاجة، والإدراك يرتبط لا شك بدرجة الذكاء التي يتمتع بها الإنسان، وهي تتفاوت من شخص إلى آخر، ويعرف أن حوالي 3% من الناس يعانون من درجة من التخلف العقلي، والذي قد يكون بسيطا، أو متوسطا، أو شديدا، وفي حالة التخلف العقلي الشديد يكون الإنسان غير مدرك، وغير مرتبط بالواقع، وحكمه على الأمور ليس بصحيح، كما أن حوالي 5% من الناس يتسمون بدرجة كبيرة من الإدراك والذكاء، وبقية الناس هم في المحيط المتوسط وفوق المتوسط .
الإدراك يعتمد على التعلم الاجتماعي، وكذلك على المسارات الكيميائية والبايلوجية الموجودة بالمخ، وعلى درجة الأكسجين والتغذية التي يتلقاها الدماغ أو المخ، خاصة في فترات التنشئة والتطور في أثناء الطفولة، كما أن التعلم الأكاديمي والتعلم الاجتماعي يعتبران من أهم مطورات الذكاء والإدراك لدى الإنسان .
في بعض الحالات تكون هنالك أسباب عضوية وراء ضعف الإدراك أو التخلف العقلي، وهذه الأسباب العضوية ربما تكون نسبة للوراثة أو نتيجة للوراثة، أو خلل في الكروموزومات أو الجينات، أو نتيجة لالتهاب المخ، أو ظهور بؤرات صرعية، أو قلة في الأكسجين في أثناء الولادة، أو إصابات في الرأس في فترات الطفولة الأولى، أو نتيجة لمرض أو دواء تناولته الأم في أثناء الحمل، ربما يؤثر أيضا على تطور ونمو الدماغ عن الجنين .
أما الأسباب الأخرى الغير عضوية للتخلف العقلي، والذي قد يكون بسيطا هو عدم إتاحة الفرصة الكاملة للطفل من أجل الاحتكاك والتعلم، والتواصل مع أقرانه .
أما بالنسبة للوقاية من ضعف الإدراك، فلابد أن نتجنب الأمراض الوراثية بقدر الإمكان، خاصة التي توجد بين الأقارب، كما أن الطفل لابد أن يعطى التغذية المتوازنة، ولابد أن يكون هنالك حرص على نومه، وأهم من ذلك كله هو الاحتكاك والتفاعل، والتلقين والتعلم عن طريق الوالدين، وأقرانه .
وبالله التوفيق.