السؤال
عندي طفل عمره سنتان، شقي جدا ونشيط، وأعيش أنا وأولادي في دولة عربية، وطبيعة الحياة مختلفة فهو وحيد، ولا يوجد أطفال في مثل سنه من المحيطين بنا، ومنذ أن رجعت من الإجازة تغير ابني بشكل فظيع، فهو كان في مصر يلعب طول الوقت مع كل الأقارب، وكلهم يدللونه، ومنذ أن رجعنا صار عدوانيا: دائما يضرب ويقول على كل شيء: هذا وحش! ويلعب في كل شيء، وساعات يخرب ولكنه عندما يغضب يفضل ضرب من أزعجه، ويضرب على وجهه.
هو عصبي جدا، مع العلم أني أنا كذلك عصبية معه؛ لأني دائما مشغولة في أعمال المنزل، كما أني أحب أن أقوم بممارسة بعض النشاطات، وهو دائما يعيقني عنها، وكثيرا ما أصرخ فيه أو أضربه أو أحبسه لدقائق في غرفته عندما يخطئ، لكنه يتعلم وعندما أقول له لن أكلمك، يقول لي آسف ويعطيني قبلة لأنه يريد شيئا ما أقدمه له في المستقبل.
وأنا فعلا أشعر أني أخطئ في تربيته، ولا أعرف ما هي الطريقة الصحيحة؟ أنا أعلم فقط أننا زاهقون من بعض؛ لذلك سوف ألحقه بحضانة أجنبية فهو يحب جدا الأطفال واللعب، وخصوصا أنه عنده استعداد قوي للتعلم والتلقين، ولكن كيف أتعامل معه في البيت فيما بعد، وكيف أعوده النظام في كل حياته: أكل، شرب، لعب، نوم، وكل ذلك.
أرجو أن تساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Walaa elsoly حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فإن كثرة الحركة مؤشر إيجابي ودليل على الذكاء والنجاح مستقبلا، فلا داعي للانزعاج، والطفل الذي يحتاج للعلاج هو الذي لا يتحرك ولا يعلب ولا يحطم الأشياء، ولكن دورنا هو إبعاد الأشياء الخطرة من طريقه وإتاحة الفرصة له للعب فهذا جزء من نموه وحياته في هذه المرحلة.
وأرجو أن لا يسمع مثل هذه الكلمات كقولنا: (شقي، مش قادرين عليه، دائما يتعبني)؛ لأنه إذا سمع مثل هذه الكلمات ينتفخ ويفرح ويتمادى في تمرده ليلفت الأنظار، خاصة إذا كان هذا الكلام أمام الآخرين وفي حضوره.
ولا شك أنه من الخير للطفل ولأسرته أن يفرغ هذه الطاقات في المنزل؛ لأن البديل هو إخراج هذه الطاقات في الساحات الخارجية وهذا يجلب للطفل ولأسرته المشاكل والمتاعب.
وإذا عاش الطفل وحيدا وقيدنا حركته فإنه يعوض ذلك في أقرب فرصة تتاح له ويعبر عن ضيقه بالتمرد والعناد والعصبية وتحطيم الأشياء والعدوانية إلى غير ذلك من التصرفات التي يهدف من ورائها إلى لفت الأنظار أو الانتقام أو الرفض، ولا شك أنه استفاد من لعبه مع الأقارب، ومن واجبنا تفادي الجوانب السلبية وهي قليلة إذا ما قارناها بالجوانب الإيجابية التي يستفيدها الطفل في مثل تلك البيئات، وتكون الفائدة أكبر إذا كان الأقارب يعيشون في القرى أو في أطراف المدن حيث الساحات والمزارع، وقد نادى بعض المربين بضرورة الذهاب بالأطفال إلى الأرياف حتى يكتسبوا الصفات الإيجابية ويعبروا عن أنفسهم بحرية.
أما بالنسبة للعصيبة فقد تكون أسبابا طبية كزيادة إفراز الغدد أو سوء الهضم أو عدد من الأشياء التي يراجع فيها الأطباء، ولكن غالبا ما تكون الأسباب نفسية كالرغبة في تقليد أحد الوالدين إذا كان عصبيا، وقد تكون بسبب القسوة الزائدة أو التدليل خاصة إذا فقد ما اعتاده، وربما كان السبب هو نقص الجرعة العاطفية أو عدم العدل بين الأطفال أو كثرة الأوامر والتوجيهات، وقد يكون السبب هو المقارنات السالبة بين الطفل وبعض أقرانه كقولنا: فلان أحسن منك أو هو ناجح وأنت راسب.
ويكون العلاج باللجوء إلى الله وبمنح الطفل القدر الكافي من الحرية المرشدة، وربط الطفل بأسرة تحافظ على الأخلاق الفاضلة لدى أبنائها، والترويح عن الطفل وتدريب الطفل على المشاركات الاجتماعية الإيجابية، ومن الضروري كذلك أن نمثل قدوة حسنة في مواقف الشدة والأزمات، فإن أعين أطفالنا معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسناه والقبيح عندهم ما استقبحناه.
وأرجو أن تحرصي على ترك العصبية، فإنه يأخذ عنك ولا ينبغي أن تصرخي في وجهه فإن ذلك يترك آثارا في نفسه خاصة إذا كان السبب بالنسبة له غير معروف، كما أرجو إبعاده عن المؤسسات الأجنبية التي لها أسس في التربية تخالف ما عندنا من عقيدة بل الأفضل الصبر عليه وتلقينه القرآن وكريم الآداب والأذكار، والطفل في هذه السن لا يوجد من يسد مكان أمه ويقوم بدورها، واعلمي أنك مأجورة على تربيتك وصبرك.
ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية!