أسرتي لا يحسنون النقاش معي ولا أحب السكوت عن الخطأ

0 115

السؤال

السلام عليكم.
أولا أود أن أشكركم على هذا الموقع الأكثر من رائع، والذي أحمد الله عليه كثيرا إذ سهل علينا الكثير، وأجاب عن تساؤلاتنا، وحاز ثقتنا، فجزاكم الله خيرا عليه، وأسأل الله أن يسددكم لما فيه خير للمسلمين، ويجزيكم به خيرا في الدنيا والآخرة.

أما بعد: أنا فتاة في ال19 أعيش مع أسرتي في جو مستقر، والحمد لله، المشكلة التي أعاني منها هي أنني لا أستطيع النقاش مع أسرتي في أي موضوع تختلف فيه وجهة نظري عن وجهة نظرهم.

عندما أتناقش معهم يبدأ النقاش هادئا، وبعدها بقليل يتهمونني بأنني لا أعي شيئا، وبأنني مجرد طفلة لا يجب أن أتجادل معهم في أمور، وأحاول إقناعهم بوجهة نظري، لأنهم دائما على صواب بما أنهم يفوقونني سنا، ودائما ينتهي النقاش باتهامي بأنني أملك عقلا فارغا أو انني أنضم لجماعة متطرفة، أو يتحسرون لأن لديهم ابنة قليلة أدب؛ وعندها أنفعل كثيرا، وقد يعلو صوتي، مما يسبب التوتر في علاقتنا الأسرية.

مع العلم أنني لا أحب الجدال عن خطأ؛ أي أنني لو لم أكن أملك أدلة أو مقتنعة 100% بوجهة نظري لا أتفانى في الدفاع عنها، وفي نفس الوقت لا أحب السكوت عن الخطأ لذلك أتجادل معهم.

أنا أحب القراءة كثيرا، وأشاهد فيديوهات تثقيفية، وأريد حقا أن أكون مثقفة، وأن أعيش في جو يساعدني على ذلك؛ لأنني متأكدة من أن الثقافة هي أفضل سلاح يتسلح به المرء، في هذا العصر المليء بالفتن والأفكار التي تهدد مبادئنا كمسلمين، وتسعى لتغيير أفكارنا وإضعافنا، وإلا كان الشخص هشا يستطيع المجتمع تشكيله بالطريقة التي يريد.

أعلم أن الشخص لا يستطيع تغيير عائلته، وأنا لا أرغب في ذلك لأني أحب عائلتي، وأعتبرهم سندا لي حقا، وهم يبذلون الكثير من أجلي، وفضلهم علي كبير، ولكنني أيضا لا أريد أن أتخلى عن مبادئي، وأن أراهم يخطئون ولا أصوبهم، ولا أريد أن أتخلى عن خصلة النقاش حتى لا أصبح فريسة سهلة، وأيضا لا أريد أن أكون ابنة عاقة، وأخشى أنني أنقص من برهم، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -بنتنا الفاضلة وأختنا الكريمة- فى موقعك، ونشكر لك الثناء على الموقع، ونؤكد لك ولجمهورنا بأننا نتشرف بخدمتهم، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم، وأن يصلح الأحوال وأن يحقق في طاعته الآمال.

حبك لأسرتك دليل على طيب معدنك، والأسرة غالية، وهم السند للإنسان بعد الله، والخلاف لا يفسد للود قضية، وكنا نتمنى أن تعرضي نموذجا لقضية ثار حولها الخلاف، حتى تنكشف أمامنا أنماط شخصيات من تتحاوري معهم، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونحن نرشدك بما يلي:

- اللجوء إلى الموفق الكريم، وسؤاله السداد في القول والعمل.
- دراسة شخصية من يتحاور أو تتحاور معك من أفراد أسرتك، ومعرفة المقامات والأعمار، لأن المناقشة مع أحد الوالدين مثلا تحتاج إلى مزيد من اللطف والهدوء والأدب.
- عليك بتجنب القناعات المعلبة، مثل قولك: هؤلاء لا يمكن أن يفهموا، أو هم دائما عندهم كذا وكذا، فالإخلاص في بيان الحق، وليس الرغبة في الانتصار على المجادل، ثم الميل لكفة الحق متى ما ظهر.
- احترام الرأي المخالف وحسن التعامل مع القائل، مثلا تقولين: هذا الكلام أنا أحترمه كوجهة نظر، ولكن أعتقد أن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح، وهكذا.

- تفويت الأشياء الصغيرة، وترك الجدال في كل موضوع، وتجنب إظهار الخلاف، لأن إظهار الخلاف ليس من أدب الخلاف، والعكس هو المطلوب، فعلينا أن نركز على نقاط الوفاق والاتفاق.
- تحديد محل النزاع ونقطة الاختلاف حتى لا يصبح الجدال عقيما، ويتأكد هذا المطلب عندما يكون الطرف الثاني أنثى، لأن تفكير المرأة متشعب، وسرعان ما تنتقل من قضية إلى أخرى.
- تحجيم المسائل المختلف عليها حتى لا تؤثر على استقرار وسعادة أفراد الأسرة، وحصر الخلاف في إطاره الزماني والمكاني.

- عدم التأثر من نظر الكبار إلى رأيك، وأنك صغيرة، لأن هذا يكاد يكون قاسما مشتركا عند الكبار من أفراد الأسرة، فغالبا ما يعتبرون صغيرهم صغيرا حتى بعد أن يكبر، فاستقبلي ذلك بهدوء، وأثبتي لهم بنضجك أنك كبيرة وفاهمة.
- لا تظهري الأستاذية، ولا تشعريهم أنك أعلم، وأنك تريدين التصحيح، وأنك راغبة في تغييرهم، لأن تلك المشاعر تولد عندهم العناد والمكابرة، حتى لو كان الحق معك، ولكن تواضعي لهم، وتلطفي في عرض ما عندك.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وتذكري أنك مأجورة على صبرك وحسن تعاملك مع أفراد أسرتك، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق والرشاد.

مواد ذات صلة

الاستشارات