السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب، أبلغ من العمر ٢٩ سنة، تزوجت منذ١١ شهرا، لا أشعر بالرضا ولا بالقناعة مع أنني إنسان ميسور الحال ولا ينقصني شيء، أشعر بعد الزواج لو أنني كنت أعزبا لكنت أكثر سعادة وأكثر نشاطا، فزوجتي بها بعض العيوب التي تنفرني منها جنسيا أحيانا، لا أشعر بأنوثتها لأنها تربت مع ذكور، وفي المقابل لو سمعت صوت امرأة أخرى أتأثر كثيرا.
يراودني تفكير مستمر بالتعدد، وأن أتزوج فتاة أخرى ولا أطلقها؛ لأنها متعلقة بي كثيرا، أشعر دائما بأنني تسرعت في الزواج حيث زواجي تقليدي، فأنا لا أشعر بالاستقرار بعد الزواج، وزوجتي تحبني كثيرا ومتعلقة بي، حائر جدا، وأحيانا يراودني شعور أنني في آخر الحياة هو الموت، وكأنني سأعيش بقية حياتي تعيسا غير سعيد.
أتمنى لو أنني لم أتزوج وأنني تريثت أكثر وتزوجت من خلال معرفة في عمل أو مؤسسة، فزوجتي ليست سيئة وليست كاملة، وحاليا أجلت موضوع إنجاب الأطفال.
أنا متأكد أنها ستتمنى الموت أو تطلب الطلاق في حال فكرت بالتعدد، لا أعرف هل أنا طبيعي أن أفكر بالتعدد وأنا متزوج منذ ١١ شهر فقط؟ وفي حال طالت هذه المدة معي وأنني أفكر بالتعدد هل يجوز لي الزوج بأخرى؟ أنا حائر جدا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك –أخي الفاضل– وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, وأسأل الله أن يلهمك الحلم والصبر والحكمة والصواب والثبات والرشاد والتوفيق والسداد.
- بخصوص استشارتك, فإني لا أنصحك بالطلاق إلا عند ثبوت عدم إمكانية الصبر والتحمل وخشيتك على نفسك الوقوع في الحرام والظلم لزوجتك؛ إذ الأصل هو قوله تعالى: (أمسك عليك زوجك واتق الله) بما يعني البقاء معها إلا للضرورة, وقد قال تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به).
- وكذا فإن الراجح في عدم الإقدام على تعدد الزوجات لما فيه من مفاسد لم يشرعها الله إلا لدفع مفاسد أكبر, ولذلك فلا ينبغي الإقدام على التعدد إلا عند الحاجة وتعذر التغيير, مع توفر القدرة المالية والبدنية والنفسية.
- احذر أن تعود أسباب عدم الرغبة بزوجتك إلى مبالغتك في اشتراط كمال الجمال فيها, أو المقارنة بالأجمل منها في وسائل الإعلام ونحوها, وتذكر أن جمال الدين والخلق والأمانة والطبع والروح هو الأفضل والأجمل, وأنصحك بدعوتها بلطف في محاولة التجمل والتزين ما أمكن في ملبسها وعطرها وقوامها وحديثها وكل ما يسهم في ترغيبك بها, وهو من الواجب الشرعي عليها, ومن فضل الله فإنه يتوفر اليوم الكثير من الوسائل التي تسهم في تغطية العيوب وإبراز الجمال وزيادته كما هو معلوم, كما وأن خفة الروح وحسن الدعابة والرقة والأنوثة والعقل والدين والخلق, كذا ما ذكرته عن زوجتك من محبتها الشديدة لك مما يؤكد أصل البقاء معها والمحافظة عليها وعدم التعدد عليها إلا لحاجة حقيقية.
- فلا مانع –حفظك الله ووفقك– إن ثبت لديك بعد طول تأمل وصبر إنه إن كان يمكنك بدلا من الطلاق أن تتزوج بامرأة أخرى فهو الأفضل لمصلحتك ومصلحة زوجتك في بقاء واستقرار الحياة الزوجية, ولا يخفاك أن الله تعالى لم يشرع (تعدد الزوجات) إلا لمصالح منها أنه يسهم في مساعدة الرجل على تحصيل العفة وغض البصر والنسل والسكن النفسي, ولذلك فقد قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع).
- فإن كان لا يمكنك الزواج بأخرى فيما يظهر لك, وخشيت على نفسك الإثم, فلا بأس من الطلاق من زوجتك شريطة أن يكون بإحسان في الوسيلة والأسلوب (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان), وذلك من غير بيان عيوبها لها أو للناس مراعاة لمشاعرها ومشاعر أهلها, مع الشكر لله تعالى ولها ما تتميز به من حسن الدين والخلق, وهذا كما بينت لك حال الضرورة وبعد لزوم الصبر الجميل.
- أوصيك باللجوء إلى الله تعالى والإلحاح عليه سبحانه بالدعاء, والاستشارة لوالديك حفظهم الله.
- الحرص على صلاة ودعاء الاستخارة لله تعالى أن يختار لك سبحانه ما فيه الخير لك في دينك ومعاشك وعاقبة أمرك وفي عاجل أمرك وآجله وأن يرزقك الزوجة الصالحة ويقر عينك بزوجتك (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين), وقد قال تعالى : (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء).
- ومما يسهم في تحصيل عون وتوفيق الرحمن والراحة والاطمئنان وطرد وساوس النفس والهوى والشيطان، واحتمال ما يمكن أن يكون من ابتلائك بالعين أو الحسد ومس الشيطان: حرصك – أخي العزيز – في اللجوء والإقبال على الله تعالى بلزوم الرقية الشرعية، ولزوم الذكر والعمل الصالح، وقراءة القرآن, والله الموفق والمستعان.
أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك وييسر أمرك ويختار لك ما فيه الخير، ويرزقك التوفيق والسداد وسعادة الدنيا والآخرة.