السؤال
السلام عليكم.
تقدم لخطبتي شخص ذو خلق ودين ووافقت، وبعد سنتين من الخطبة رفضته؛ بسبب أنه يريد أن أسكن في منطقة بعيدة عن مكان عمله، ويريد أن يذهب أسبوعا لعمله، وأسبوعا يرجع.
ورفضته أيضا بحجة أني سأكمل دراستي، وأنا في الحقيقة لا أريد إكمال دراستي، ولا أميل لها، وبعدما رفضته شعرت بالندم الشديد، وخوفي من أن لا أجد شخصا ذا دين مثله، فهل أكلم شخصا وسيطا، أم أرسل له، أم ماذا أفعل؟ علما أننا لم يكن بيننا تواصل، وأستحي أن أكلم والدي في الموضوع.
أرشدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- بارك الله فيك -ابنتي العزيزة- وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع.
- بصدد سؤالك, فمن الجميل إدراكك لخطئك في رفضك للخاطب المتميز بحسن دينه وخلقه, وحرصك الآن على القبول به, حيث لا يخفاك أن الزواج فطرة بشرية وفيه مصالح كثيرة منها تحصيل العفة والإحصان وبركة وسعادة الذرية، والسكن النفسي والمودة والرحمة, قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة), لا سيما الزواج بصاحب الدين والخلق والأمانة, فقد صح في الحديث: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير),
ففي الحديث الدعوة إلى المبادرة, والتحذير من التردد والامتناع, وبيان الآثار السيئة لرفض صاحب الدين والخلق، والعاقل هو الذي يقتنص الفرص, والتي قد لا تتحصل في مرات كثيرة, قال الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها ** فعقبى كل خافقة سكون
- أما وقد ندمت على خطئك في ردك إياه بمبررات ومعاذير غير صحيحة ولا واقعية, فإن المراجعة -بإذن الله- ممكنة, فالواجب عليك أن لا تترددي في توسيط من تثقين بدينه وحكمته وحفظه للسر ومروءته, بأن يكلمه بشأنك وإخباره بمعاودة خطبتك واستعدادك للقبول به إما بطريق مباشرة إن أمكن أو بطريق غير مباشرة, ولا عيب في ذلك حيث وقد ورد عرض الخليفة عمر -رضي الله عنه- ابنته حفصة -رضي الله عنها- لأبي بكر وعثمان -رضي الله عنهما-؛ كون ذلك من البر بالبنت والحرص على مصلحتها وسعادتها ومستقبلها.
- وأما بصدد إخبار والديك, فالأصل وجوب إخبارهما بذلك واعتذارك عن خطئك وقبولك بالزواج من الشاب المذكور، وعدم التردد أو الحياء من ذلك, إلا إذا تيقنت أو غلب على ظنك ترتب مفاسد أكبر لعلمك بشدة غضبهما وعدم تسامحهما في ذلك.
- أوصيك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والاستخارة، وملازمة الأذكار وطلب العلم ومتابعة البرامج والقراءة، والمحاضرات النافعة والمفيدة ولزوم الصحبة الطيبة والتحلي بحسن الظن بالله تعالى والثقة بالنفس والاعتناء بثقافتك وجمالك، وزينتك ومظهرك وأخلاقك.
- أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك وييسر أمرك، ويرزقك الزوج الصالح، وسعادة الدنيا والآخرة.