السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه من منفعة وخير ودواء في هذا الموقع، والله يجعله في ميزان حسناتكم.
بداية أنا عمري 22 عاما، مشكلتي أنني أعاني من النسيان الشديد وقلة التركيز، كذلك حينما أتحدث مع الآخرين لا أستطيع التعبير عما يجول في ذهني، ولا أعرف كيف أعبر عن مشاعري، فحينما أشارك الناس الحديث سواء زملاء العمل أو أصدقائي المقربين أو حتى العائلة تجدني أشارك بتعليق بسييط لا يزيد عن الدقيقة، حتى وأنا أكتب هذه الرسالة الآن أواجه صعوبة في التعبير وإخراج ما يجول في خاطري، مؤخرا بدأت أعاني من القلق والاكتئاب والشعور بالضيقة الشديدة، وأفضل انعزالي عن الناس، كذلك أشعر في ثقل شديد في مؤخرة الرأس، لا أعلم ما نتيجة هذه الأعراض،لكن الأمر قد يرتبط بأمر آخر له علاقة به.
أعلم يقينا أن ما يقلقني ويكبت صدري هو ما حدث لي قبل 6 أشهر تقريبا عندما قام بزيارتنا أحد الأصدقاء في البيت، وعندما سنحت لي الفرصة بالحديث وأنا في منتصف كلامي بدأت أهذي ويشرد ذهني ولا أعي ما أقول، وأحاول التركيز في كلامي، لكن انقطع حبل الكلام عني تماما وأحرجت حرجا شديدا، لم أتأثر في هذا الموقف بالشيء الكبير لكني أدركت أن لدي مشكلة.
عندما تحدثت مرة أخرى أمام أصدقائي الآخرين الأمر حدث كذلك مع عائلتي حينما أسترسل في الحديث أتفاجئ أنني لا أعي ما أقول وينقطع حبل التفكير عني تماما، حتى أنني جربت الحديث مع نفسي وبصوت مرتفع، أتفاجأ بنفس المشكلة، وأنا منذ ذلك الوقت زادت لدي أعراض القلق والكدر، وأتحاشى الحديث مع الناس، وأظل صامتا ولا أعلق إلا بكلمة أو كلمتين خوفا من تكرار ما حدث معي.
أفكر في الذهاب إلى طبيب مختص لكن بيئتي ومجتمعي المحيط لا يسمح لي بذلك، لذا أتمنى أن تفيدوني بشيء غير تناول الأدوية، واستشارة الطبيب إن أمكن.
أرجو من الله ثم منكم أن تساعدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرى أن مشكلتك بسيطة جدا، وهي مشكلة التواصل الاجتماعي، وأعتقد أن شيء من القلق – وربما رهبة اجتماعية ناتجة من القلق التوقعي – هي التي جعلتك تكون على ما أنت عليه.
فيا أخي الكريم: تجاهل كل هذا، واعلم أن من أفضل وسائل تطوير الذات في الحياة هي بناء نسيج وشبكة اجتماعية متميزة، فأسعى لأن تبني علاقات طيبة مع الصالحين من الشباب، وكن دائما في مقدمة الصفوف، حين تجلس في مرفقك الدراسي، حين تشارك في المناسبات الاجتماعية، وقطعا القيام بالواجبات الاجتماعية يؤدي إلى انصهار الشخصية وتطويرها ونموها.
والجلوس في حلقات العلم وحلقات حفظ القرآن يطور كثيرا التركيز والقدرة على التخاطب والشعور بعدم الحرج عند التواصل الاجتماعي.
دائما حاول أن تراعي تعابير وجهك ونبرة صوتك ولغة جسدك حين تخاطب الآخرين. هذه مهمة جدا.
بالنسبة لتعابير الوجه: اعرف أن تبسمك في وجه أخيك صدقة، ونفس الأمر ينطبق على نبرة الصوت وما يقال، وقد قال الله تعالى: {وقولوا للناس حسنا}، وكذلك مراعاة لغة الجسد خاصة اليدين وحركتها عند التحدث والكلام مع الناس. هذه مهارات مهمة وضرورية، وأعتقد أنك إذا تجاوزتها سوف تحس إن شاء الله تعالى بتقدم وتأهيل كبير في حالتك وما تعاني منه.
يجب أن تمارس الرياضة وبعض التمارين الاسترخائية؛ لأن ذلك أيضا يؤدي إلى الشعور بالرحابة في الصدر، وحسن انسياب الكلام؛ لأن عضلات الصدر والحلق حين تكون في حالة استرخائية هذا يفيد الإنسان كثيرا.
إن تمكنت من أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا سوف يساعدك، لكن أعتقد ما ذكرته لك من إرشاد سيكون كافيا.
أنت متحفظ حول الأدوية، لكن تناول جرعة صغيرة من دواء جيد وسليم سوف تفيدك أيضا، ومن الأدوية التي أرشحها لك عقار (زولفت) والذي يسمى علميا (سيرترالين)، وأنت تحتاجه بجرعة صغيرة جدا ولمدة قصيرة، أعطيك هذا الخيار إن أردت أن تأخذ به فالجرعة هي نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة ليلا (خمسون مليجراما) لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.