كيف أتعامل مع القلق والضغط النفسي المرتبط بالامتحانات؟

0 4

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، عمري 18 سنة، محجبة، من المغرب، وقبل سنة ونصف من الآن كنت أدرس في السنة الثالثة الثانوية، وهي السنة الأخيرة التي نسميها نحن "البكالوريا"، كنت أدرس بشكل عادي، لا كثيرا ولا قليلا، وعند اقتراب الامتحان النهائي لم أعد قادرة على إتمام المراجعة، فتوقفت وأعدت السنة الدراسية، وكنت أدرس جيدا.

وعند اقتراب الامتحان مجددا -بفترة أطول قليلا من الأولى- تعرضت لحالة أسوأ من قبل، من التوتر والبكاء والخوف الشديد، بل إن كل ما سبق لي أن راجعته كنت أشعر بأنه غريب علي ولم يسبق لي أن رأيته، فتوقفت عن المراجعة، لكني ذهبت إلى الامتحان بعد معاناة شديدة، ونجحت بميزة حسن جدا.

وبعد ذلك، جاءت فترة المباريات، وسجلت في دروس الدعم لها، واخترت حسب معدلي اجتياز جميع المباريات، لكني لم أنجح في أي واحدة، ومر علي الصيف عذابا نفسيا.

ثم التحقت بإحدى الجامعات التي تعتمد على النقاط، لكني هذه المرة مع بداية السنة تعرضت لنفس الحالة من بكاء وقلق وتوتر وخوف، ولم أعد قادرة على الاستمرار في أي شيء له علاقة بالدراسة، وهذا ما يعذبني، لأني أريد أن أصل إلى مراتب عليا، وبدأت أشعر أني أدخل شيئا فشيئا في الاكتئاب، حيث لم أعد مهتمة جيدا بالأكل أو الضحك.

أنا جد خجولة، ليس لي أصدقاء عدا أختي التي هي طبيبة الآن، ووالداي أستاذان، وقد أصبحت أتهرب من التحدث مع الناس حتى لا أتعرض للإحراج، وعندما أرى شخصا ما، أتساءل: هل هو متعلم؟ هل يجيد التحدث بلغة أخرى؟ هل هو يعمل؟ هذا كل ما أفكر فيه، هل لن أصبح مثله في يوم من الأيام؟ فأنا أريد أن أصبح دارسة وموظفة، لكني ما عدت قادرة على حمل الكتاب والمراجعة، وهذا يخيفني كثيرا.

أشعر وكأني تعودت أو لدي ميل للراحة، ولا أريد سواها، مع العلم أنه بإمكاني الترشح من جديد في العام المقبل، لكن كل ما أفكر فيه أني لا أريد أن أضيع الوقت، وأريد أن أشتغل لأعيش حياتي دون معاناة مع الدراسة.

المرجو منكم المساعدة العاجلة والتوجيه السليم، وشكرا.

للعلم: أنا لا أسافر كثيرا، ولا أخرج كثيرا، ولا أتمتع بالحياة كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

الذي حدث لك أعتقد أنه صدمة نفسية بسيطة نسميها بـ "صعوبة التكيف"، فالامتحان والاستعداد له يشكلان ضغطا في بعض الأحيان على بعض الطلاب، والذين لديهم ما نسميه بـ "القلق التوقعي"، وهو تضخيم كبير من جانب الإنسان لوضع من المفترض أن يكون طبيعيا.

وفي حالتك طبعا، الامتحانات أمر معروف ومألوف، ملايين الناس يخوضون هذه الامتحانات، لكن حدث لديك نوع من التضخيم والتجسيد لهول الامتحان – كما أحب أن أسميه – وهذا أدى إلى شعورك بالإخفاق، وبدأت تتكون لديك مشاعر الخوف من الفشل، والخوف من الفشل كثيرا ما يؤدي إلى الفشل أكثر مما هو واقع، وبعد ذلك ظللت في هذه الحالة المزاجية المتعسرة، لا أريد أن أسميها اكتئابا حقيقيا، إنما هي نوع من "عسر المزاج الظرفي" الناتج من عدم القدرة على التكيف.

العلاج -إن شاء الله- بسيط جدا، لا تفكري في ما مضى فهو قد انتهى، والإنسان يتطور حين يستفيد من تجاربه، كل المطلوب منك هو: أن تنظري للحياة بمقياس أوسع، فالحياة ليست فقط دراسة وامتحانات، نعم هي مهمة وأساسية، وأنت في سن التكوين التعليمي والأكاديمي، لكن يجب أن تنظمي وقتك لتعطي كل نشاط في الحياة حقه.

أول ما تبدئي به هو النوم الليلي المبكر، فالنوم الليلي المبكر يؤدي إلى راحة نفسية كبيرة، ويؤدي إلى ترميم الخلايا الدماغية، واستيقظي مبكرا، وبعد صلاة الفجر ادرسي لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهبي إلى مرفقك الدراسي، هذا الوقت وقت البكور، وقد بورك لهذه الأمة في بكورها، كما علمنا نبينا ﷺ، وقد أثبت – ومن خلال العلم الحديث – أن كل المواد الإيجابية الدماغية تفرز في الصباح الباكر.

إذا، نوما مبكرا، واستيقاظا مبكرا، ثم صلاة الفجر في وقتها، وذكرا ودعاء، ثم دراسة ومذاكرة، وهذا حين تقومين به سوف يشرح صدرك، ويجعلك تديرين بقية يومك بكل أريحية واقتدار وانشراح.

ثم اذهبي إلى مرفقك الدراسي، ثم عودي، سوف تجدين أنك أكثر تركيزا مع الحصص وغيرها، وبعد ذلك خذي قسطا من الراحة، رفهي عن نفسك بما هو جميل، ثم شيء من الدراسة، وهكذا.

أريدك أيضا أن ترفهي عن نفسك بشيء جميل ومباح، مارسي شيئا من الرياضة، كوني دائما ساعية لبر والديك، اقرئي قراءات غير أكاديمية، احفظي شيئا من القرآن، فهذا يرفع من كفاءتك النفسية، وأعتقد أن هذا هو الذي تحتاجين إليه، وليس أكثر من ذلك، ولا أراك أبدا في حاجة لأي نوع من العلاج الدوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات