السؤال
السلام عليكم
أولا: جزاكم الله خيرا على نصائحكم القيمة.
كان هناك شاب يدرس معي العام الماضي، دائما ما يلاحقني بنظراته ويتبعني كل يوم، ووالله لم أكن أتوهم، ولولا تصرفاته لما لاحظته قط، لم يحاول أن يكلمني يوما فقط يظل يراقبني، وأحيانا يتصرف بغرابة حتى ألاحظ وجوده، ولقد نجح في ذلك وأخذ الكثير من تفكيري.
كنت خائفة أن يكون معجبا بي، أو أن يتعلق قلبه بي فعادة هذا ما ينتج عن إطلاق البصر، كنت خائفة؛ لأنني أعلم جيدا أنه كان من المستحيل أن يطرق باب منزلي، فهو مازال طالبا ووالدي أيضا سيرفضان حتما، كنت خائفة أن يحزن أو أن يتعلق قلبه بكثرة نظراته وابتسامته لي التي كنت أتجاهلها، أتجاهلها وأنا خائفة أيضا، خائفة أن أكون سببا في حزنه.
في الأخير أنا التي تعلقت وأنا التي حزنت، وأيضا رسبت وأعدت السنة بينما هو نجح بأعلى الدرجات، وحتما نسي أمري كليا؛ لأننا لم نعد ندرس معا، يعني -الحمد لله- والله هذا يريحني من جهة؛ لأنني لا أريد أن أكون سببا في حزن أحد، كما لا أحب أن يتعلق قلبي بغير الله لا أحب لأحد أن يتعلق قلبه بغير الله.
ولكن هذه الذكرى لا تغادر مخيلتي، إني ألوم نفسي، كيف أعدت السنة وأهملت دراستي وأنا التي لم أفشل يوما؟ ولماذا لم أنسه، علما بأنني لم أعجب يوما بأحد ولم أحب يوما أحد ووالله أغض بصري لدرجة أنني أحيانا أمر على صديقاتي ولا ألاحظ وجودهن، ولا أتكلم مع الشباب وأحافظ على الأذكار، والورد اليومي.
علاقتي بعائلتي جيدة جدا، أبي حنون جدا معي، وأمي كذلك لم يحرماني يوما من شيء، لدي أخوات أيضا أتفاهم كثيرا معهن، لذلك لا أظن بأنني أعاني من الفراغ العاطفي، كما أنني لا أملك وقت فراغ، ومع ذلك أنا لم أنس ذلك الشاب، ورسوبي وغبائي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير، وأن يحقق بك ولك الآمال.
نحيي مشاعرك النبيلة وإرادتك الخير للآخرين، وهذا سوف يكون من أهم أسباب نجاحك في الحياة، والإنسان يعطى على قدر نيته، وننصحك بطي صفحة الماضي والإقبال على دراستك والتفاعل مع أسرتك الرائعة المتماسكة واحمدي الله على ذلك.
ونتمنى أن لا تلومي نفسك ولا تجلدي ذاتك، واستفيدي من التجربة، ولو تقفي في مكانك وترددي لو كان كذا كان كذا، ولكن رددي بلسان أهل الإيمان قدر الله –وما شاء فعل-؛ لأن لو تفتح عمل الشيطان وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان فافهمي كيد عدونا الشيطان وعامليه بنقيض قصده.
ولا يخفى على أمثالك من الفاضلات أن اجترار الذكريات أو التفكير في صفحات قد انطوت ما هو إلا خصم على حاضرك ومستقبلك، وثقي بأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، واعلمي أن رزقك سوف يأتيك في الوقت الذي يقدره القدير سبحانه، وربما يعود الشاب ليبحث عنك أو يأتيك الله بمن هو خير منه.
وأنت -ولله الحمد- فتاة تتدثر بالحياء، ومن أسرة نموذجية، فاشتغلي بدراستك وحافظي على وقارك واقتربي من الصالحات وابتعدي جهدك عن الشباب، وعلى من يرغب فيك أن يأتي إلى داركم من الباب وأن يقابل أهلك الأحباب، واعلمي أن هناك فرق بين الحب الموصل للزواج وبين مجرد الأعجاب.
ومما يعينك على نسيان ما حصل ما يلي:
1- كثرة اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.
2- شغل النفس بالعبادة والدراسة ومعالي الأمور قبل أن يشغلك الشيطان بغير ذلك.
3- عدم النظر إلى الشباب، وتجنب تكرار النظر؛ فإن متابعتك لتصرفات الشاب كان من الطبيعي أن تنقلك إلى مراحل أخرى.
4- استحضار العقل عند هيجان العواطف، وقد أسعدتنا قناعتك أن أهلك لن يقبلوا بطالب.
5- إدراك أثر التفكير العاطفي والمتعاطف على المستوى الدراسي والعلمي والنفسي.
6- التواصل مع موقعك منذ البداية حتى تسمعي التوجيهات الصحيحة.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يكتب لك النجاح والتوفيق والسداد.