أخشى الجنون بسبب شعوري أن زميلتي تراقبني وتقرأ أفكاري!!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، عمري 17 عاما، إنني على وشك الجنون، لقد تعبت من كل هذه الأفكار التي تحاصرني يوميا منذ لحظة استيقاظي حتى أعود إلى النوم، ما أحس به معقد، ولست متأكدة من أنني سأصفه بشكل صحيح.

لدي أمراض وعقد نفسية كبيرة جدا، لست أدري كيف أتخلص منها ولكني أريد ذلك بشدة. لقد بحثت عن كل مشكلة على حدة في هذا الموقع وغيره، وأحس أنني الوحيدة التي تشعر بذلك.

أشعر بأن هناك من يراقبني ويقرأ أفكاري ويستغلها لصالحه، هناك شخص محدد في بالي وهي زميلتي في الدراسة، أشعر أنها تعرف كل شيء عني، وتراقبني وتخترق أجهزتي وحساباتي، وفي هذه اللحظة أحس بأنها تعرف أنني أكتب لكم، لا أستطيع أن آخذ راحتي بالتفكير بيني وبين نفسي.

أعرف أن هذا ليس منطقيا وأنه لو كانت تملك القدرة على قراءة الأفكار لاستغلت ذلك في أمور أخرى أهم مني، لأنني لست مهمة على الإطلاق، ولكن منذ أن ظهرت هذه الأفكار لا يستطيع أي منطق في العالم أن يوقفها عن حدها، إنها تنتشر مثل السرطان في عقلي، ولست أدري إن كانت هذه بارانويا، ولكني لا أشعر أنني مهمة إلى هذا الحد.

المرض الثاني الذي لدي هو أنني لا أحب أن تكون هذه الفتاة نفسها متميزة، وأكره أن يحبها أحد، هذا الشعور بداخلي فقط، أمام الجميع أنا أمدحها ولا أبين لأحد ولا لها هذه المشاعر، ولكني أشعر أنها أفضل مني، وهذه الغيرة والحسد أعرف أنها مرضية، ولكنها لا تكون للجميع، ففي معظم الأحيان أحب الخير للجميع وأدعمهم، ولكن عند أشخاص محددين، أتمنى أن يختفوا، وأمامهم لا أتصرف على طبيعتي أبدا. فإنني أشعر أنهم يأخذون شخصيتي الحقيقية ليمشوا بها كأنهم هم بلا شك.

لدي عقد أخرى كثيرة، ومنها أنني أكره شكلي كثيرا، أشعر في بعض الأحيان بأنني أريد التخلي عن هذا الوجه، أكره نفسي وشخصيتي ولا أعرف كيف يتحدثون معي، ومتأكدة أنه لن يحبني أي أحد.

حتى أصدقائي لا يحبونني، ولا أكون على طبيعتي معهم، وإن تركتهم سأكون وحيدة بلا أصدقاء. لا أعرف كيف أتعامل مع الآخرين على طبيعتي أساسا، علي أن أقتبس شخصية ما من مسلسل أو رواية وأمشي بها؛ كي أستطيع إكمال يومي، حتى ضحكتي مصطنعة.

خجولة جدا وليس لدي أي ثقة بنفسي، لا أستطيع أن أتحدث وسط الجموع، أعرف أن هذا جزء من طبيعة شخصية الإنسان، الخجل، ولكني لا أحب هذه الخصلة وأحب أن تكون شخصيتي غير هذه؛ لذلك أرغب دائما بالتخلص مني، أو الانتحار، أفكر دائما في الانتحار، إنها مجرد أفكار ورغبات، أعرف أنني أجبن من أن أفعل هذا الأمر ولكنه وارد جدا.

إن الجميع يكرهني، ليس لدي أي أصدقاء، لقد تعلقت بشخص رأيته لعدة أيام وأنا لا أعرف عنه أي شيء، وهذا ربما بسبب الفراغ، في أي مكان أذهب إليه أحب أن أكون محور الحديث والشخص المبهر، فثقتي بنفسي تنبع من نظرة الآخرين لي، وإن لم يحدث هذا الأمر أشعر بأنني مهمشة، وأنني لا شيء، ودائما ما أضع نفسي في مقارنات مع الآخرين.

لا أعرف ما الحل والخلاص لكل ما أفكر به، أعرف أن الوسيلة هي الذهاب للطبيب أولا وأخيرا، ولكن ما زال عمري 17 عاما ولا أستطيع أن أذهب، ولا أريد إخبار أهلي عن كل هذا.

كيف أعيش طبيعية بلا هذه الأفكار؟ وكيف أكون على طبيعتي أمام الجميع ولا أخجل من كل شيء، وأن تكون شخصيتي قوية؟ كيف أتأكد أنهم لا يراقبونني وأنها مجرد أوهام؟

أريد أن أبدأ بداية جديدة، لأن الأمر يرهقني ويؤثر على دراستي، حتى لو عرفت فقط أسماء أمراضي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatenham حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تدارست رسالتك بكل دقة، وهي بالفعل رسالة مهمة؛ لأنه يوجد لديك عرض رئيسي وجوهري، وهو اعتقادك أن هذه الفتاة تراقبك وتقرأ أفكارك، وقولك إنها تخترق أجهزتك وحساباتك، هذا قمة الـظنانية، وإن شئت سمه درجة من البارانويا الـظنانية، أو الأفكار الاضطهادية، وهنالك جانب وسواسي قطعا في هذا النوع من التفكير، و-إن شاء الله- الأمر سوف يتم علاجه واحتواؤ، لكن هذا يجب أن يكون عن طريق الطبيب النفسي، رغم أنك في ختام رسالتك أبديت تحفظا كبيرا حول الذهاب إلى الطبيب النفسي، وأن هذا قد لا يكون ممكنا، لكنني أقول لك: إن هذا ممكن، تحدثي إلى والدتك في سرية تامة، ووضحي لها نوعية الشكوى التي تعانين منها، وأنك قد خاطبتنا في الشبكة الإسلامية، ونحن بسرية تامة نصحناك بأهمية مقابلة الطبيب؛ لأنك تحتاجين إلى دواء مضاد لهذا النوع من الأفكار، وتوجد -الحمد لله- أدوية فاعلة وممتازة، هذه الحالات علاجها بيولوجي؛ لأن الأصل فيها هو وجود تغيرات كيميائية داخل الدماغ، والآن وبفضل من الله تعالى بين أيدينا أدوية فعالة وممتازة وسليمة، فأنا أود أن أحث على أهمية ذهابك إلى الطبيب، وكل أعراضك الأخرى من توجسات وانعزال وتفكير في الانتحار سببها هذا التشويش الكبير الذي اخترق فكرك، الأفكار الـظنانية أو البارانوية ليست سهلة، والإنسان في مثل عمرك يصعب عليه تحمل هذه التجربة الصعبة.

فأنا لا ألومك أبدا فيما تعانين منه من تشويش، ومن كدر، ومن أعراض أخرى تحدثت عنها، الانتحار لن يحدث إن شاء الله، وتذكري دائما أن رحمة الله واسعة، يقول الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.

أنت في بدايات سن الشباب -وإن شاء الله تعالى- تتبدل الأمور وتكونين على خير، عيشي دائما على الأمل والرجاء، وأنا متأكد وبإذن الله تعالى أن تناول أي من مضادات الذهان سوف يجعلك في راحة تامة، وسوف تتفتت هذه الأفكار تماما حتى تعودي لوضعك الطبيعي.

ما وصفته من مشاعر سلبية حول هذه الفتاة وأنه ربما يكون لديك شيء من الغيرة والحسد حيالها، أعتقد أن هذا أيضا منشأه الأفكار الـظنانية، إحساسك الشديد بأنك مستهدفة من جانبها قطعا وضعك في هذا الموقف الذي يجعلك لا تريدين لها خيرا.

أكثري من الاستغفار في هذا الشأن، واصرفي انتباهك حقيقة، ولا تقبلي هذه الأفكار أبدا، وقولي لنفسك هذه أفكار حقيرة لن أتعامل معها ولن أقبلها، ويجب أن لا تكون جزءا من حياتي.

أشغلي نفسك بما هو مفيد، لديك الكثير الذي تقومين به: التميز في دراستك، الاهتمام بأمر بر والديك، الاطلاعات، القراءة، الترفيه عن النفس بما هو جميل، الصلاة في وقتها، قراءة القرآن. الدنيا طيبة وجميلة جدا ويمكن أن تعيشين حياة طيبة، أرجو أن تذهبي إلى الطبيب مباشرة ليعطيك العلاج المضاد لهذا الاضطراب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات