كيف أتغلب على حزني بسبب تأخر الإنجاب؟

0 125

السؤال

السلام عليكم

أنا امرأة متزوجة، منذ ثلاث سنوات، وإلى الآن لم أرزق بأطفال، وهذا سبب تعاستي، وأيامي متشابهة ومملة فلا جديد، فأنا لست بصغيرة في السن لأقول لنفسي انتظري مازال أمامك الفرصة للإنجاب، حتى أنني كنت أكمل دراستي الجامعية بعد شهادة التخرج قبل الزواج، ولكن بعدها لست قادرة على تكملتها نظرا لبعض العثرات في السنوات الثلاث الماضية.

حياتي ليست مستقرة، وليس لي بيت خاص بي لأصرخ حتى؛ لأني تزوجت وسافرت لزوجي وهناك حدثت بعض المشاكل في عمله واضطررنا إلى الرجوع لبلادنا، وكل ذلك حدث في وقت قصير فما عشت الاستقرار في الغربة أيضا.

حياتي أصبحت متعبة، لا أعرف ماذا أفعل؟ ومن أين أبدأ؟ أشعر أني سأجن، هل هناك حل؟ لا أعتقد؛ لأني لا لزوم لوجودي في الحياة، فالموت هو الأقرب إلى قلبي الآن.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ayat حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أختي العزيزة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلا الله تعالى لك التوفيق والسداد ويلهمك الصبر والحكمة والهدى والرشاد.

- بخصوص إحساسك – حفظك الله وعافاك – بالتعاسة والحزن؛ كونك لم ترزقي بأطفال, فلا شك أن محبة الأطفال فطرة بشرية, إلا أن مما يسهم في مواساتك في حزنك استحضار واجب شكر النعماء والإيمان بالقدر والرضا بالقضاء، واستحضار ما أعده الله من عظيم الثواب والجزاء للصابرين على البلاء لهذه الحياة الدنيا المطبوعة على سنن الامتحان والابتلاء (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

- اعلمي أن الأطفال كما أنهم سعادة وبركة وزينة, كما قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا), إلا أنهم قد يكونون في بعض الظروف كما هو واقع كثيرين, سبيل نقمة وبلاء ومحنة كما قال تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم), وذلك حين ينحرفون عن مقتضى البر والطاعة والدين والخلق, وربما دفعوا الوالدين إلى الحزن والجبن والبخل, لشدة التعلق الزائد بهم, أو حين انحرافهم عن مقتضى الأخلاق, ولذلك فقد صح في الحديث: (الولد محزنة مجبنة مبخلة), وتذكري قول الخضر لموسى عليهما السلام حين برر الخضر قتل الغلام: (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا).

- ولذا أوصيك بعدم المبالغة والإفراط في الشعور بالتعاسة, وفي التعلق الزائد بإنجاب الأولاد, فما يدريك لعل الخير في الدنيا والآخرة بهذا الابتلاء الحاصل لتكفير السيئات ورفع الدرجات: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

- اعلمي أن مجالات السعادة في الحياة كثيرة, ولا تنحصر في إنجاب الأطفال فحسب, فاحرصي على البحث عنها وتحصيلها فيما يوافق الشرع وفي حدود المباح, بالنزهة والرياضة والقراءة والبرامج المفيدة والصحبة الطيبة ونحو ذلك, فكم رأينا من أزواج لا تنقصهم السعادة رغم حرمانهم من الأولاد, والعكس فكم رأينا من أزواج ملأت بيوتهم الهموم والأحزان والمشكلات الكثيرة.

- من الخطأ ما يردده الناس أن الأولاد كل ما في الحياة، وأن الحرمان منهم سبيل تعاسة وشقاء.

- كما أوصيك في مدافعة الهم والحزن بإشغال نفسك فيما يعود عليك بالمصلحة والفائدة في دنياك وأخراك, وذلك بطلب العلوم الشرعية, والعصرية الإنسانية ومتابعة الدروس والمحاضرات والبرامج المفيدة, والإصرار على إكمال دراستك ما أمكن, والترويح عن النفس والتخفيف من الضغوط بالنزهة والرياضة ولزوم الصحبة الطيبة.

- أوصيك بحسن الظن بالله وتعزيز الثقة بالنفس والتحلي بالتفاؤل والأمل والطموح, فمازلت – حفظك الله وعافاك – حديثة عهد بزواجك (3) سنوات, ويظهر أن سنك مازالت فيه أهلية الإنجاب بإذن الله تعالى, وتذكري رد الملائكة الكرام على زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام حين قالت: (يا ويلتى أألد وأنا عجوز، وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد).

وفي ردها أيضا على الخليل إبراهيم حين قالوا له: (بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون), فالمؤمن الحق يحسن الظن بالله تعالى ولو انقطعت الأسباب, فكيف بمثل وضعك المقبول حيث معقولية السن والعمر وحداثة الزواج, فأملي بالله خيرا واحذري اليأس والإحباط والقنوط من رحمة الله تعالى, قال سبحانه: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).

- الواجب الشرعي والطبيعي بذل الجهد اللازم والأسباب اللازمة, وذلك في لزوم الرقية الشرعية بالمحافظة على الأذكار والدعاء وقراءة القرآن, ومراجعتك وزوجك – وفقكما الله – للأطباء المختصين (تداووا عباد الله ؛ فإن الله ما أنزل داء إلا جعل له دواء), والاهتمام بالغذاء المناسب ونحوه.

- من الخطأ والظلم الكبيرين , توهم أنه لا لزوم لوجودك من غير أطفال وأن الموت أقرب إلى قلبك بذلك - والعياذ بالله تعالى -, فقد خلقنا الله تعالى لغاية عظيمة, وهي عبادته عز وجل, (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة), ولذلك لما قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا ), قال بعدها: (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا), فالمال والولد يفارقان الإنسان بعد موته ولا يلحقان به في قبره, وإنما يبقى معه عمله الصالح فحسب, كما صح في الحديث: (إذا مات ابن آدم تبعه ماله وولده وعمله, فيرجع اثنان ماله وولده, ويبقى معه عمله), والعبادة – أختي العزيزة –: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة, فتشمل أداء حقوق الله تعالى, وحقوق النفس والزوج والأهل والأرحام, فاستكثري – رعاك الله – في حياتك من الأجر والثواب, وقد صح في الحديث: (خيركم من طال عمره, وحسن عمله).
"دقات قلب المرء قائلة له ** إن الحياة دقائق وثواني
فاجعل لنفسك بعد موتك ذكرها ** فالذكر للإنسان عمر ثاني".

- إن الذين يفكرون بالموت عن طريق قتل النفس والانتحار, كما أنهم لن يغيروا من واقعهم الدنيوي السيء, فإنهم ينقلون أنفسهم إلى مستقبل أخروي أسوأ, وذلك بتعريض النفس لغضب الجبار تعالى وعقابه العظيمين, لتعديهم على النفس الإنسانية التي هي نعمة والتي هي أمانة بين يدي الإنسان (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).

- هذا وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، وييسر أمرك، ويرزقك الذرية الصالحة الطيبة، وسعادة الدنيا والآخرة.

++++++++++++++++++
انتهت إجابة الشيخ / عمار ناشر استشاري العلاقات الأسرية والتربوية،
وتليها إجابة د. رغدة عكاشة استشاري أمراض النساء والتوليد وطب الأسرة.
++++++++++++++++++

أتفهم معاناتك- يا ابنتي- فشعور الأمومة شعور رائع وجميل, أسأل الله عز وجل أن تعيشيه عما قريب.

لم توضحي في رسالتك سبب تأخر الحمل عندك, أو إذا تم عمل كل ما يلزم لك ولزوجك من تحاليل واستقصاءات لذلك, كما لم توضحي هل كنت طوال هذه الثلاث سنوات مقيمة مع زوجك بشكل متواصل أم لا؟

وما أحب أن أقوله لك - أيتها العزيزة- هو أن أغلب حالات تأخر الحمل قد أصبحت الآن قابلة للعلاج بإذن الله تعالى, فالطب في مجال العقم قد تطور بشكل مذهل, وما كان مستحيلا حدوثه قبل أعوام قد أصبح الآن ممكنا, لكن الأمر يتطلب الكثير من الصبر والأخذ بالأسباب, وأنت ما زلت في بداية حياتك الزوجية, فثلاث سنوات لا تعتبر فترة طويلة في عمر الزواج, وفي الماضي كان الأطباء لا ينصحون بعمل أي تحاليل قبل مرور سنتين على الزواج, لكن التوصيات الحديثة قد تغيرت وأصبح الأطباء يفعلون ذلك بعد سنة فقط، وذلك لأسباب لا مجال لذكرها الآن.

على كل حال أرى- أيتها العزيزة- بأن ترسلي لي بمعلومات مفصلة عن حالتك وحالة زوجك, حتى أتمكن من مساعدتك بإذن الله تعالى.

وأنصحك- يا ابنتي أن تكوني على يقين تام بأن الذرية هي رزق مكتوب من عند الله, وستنالين رزقك عندما يشاء الله جل وعلا.

أسأله عز وجل أن يرزقك بالذرية الصالحة التي تقر بها عينك عما قريب.

مواد ذات صلة

الاستشارات