أمي لم تشعرني بالحنان، فكيف أكون أمًا حنونًا على ابنتي؟

0 133

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حقيقة لا أعرف من أين أبدأ. أبلغ من العمر 27 سنة، متزوجة ولي ابنة واحدة. مشكلتي تعود إلى طفولتي وبالتحديد إلى علاقتي مع أمي، للأسف لم تكن علاقة جيدة، كانت أمي -هداها الله- شديدة معي، لم تشعرني يوما أني ابنتها كان كل شيء أقوم به محل نقد وسخرية وتهكم. حتى أمي لم أسلم من انتقادها لشكلي مع أني والحمد لله حسنة المظهر بشهادة كل من يعرفني، نتيجة لهذا عانيت سنوات من قلة الثقة في نفسي وفي شكلي، لم أستطع في يوم من الأيام أن أحكي لها مشاكلي أو حتى أحلامي، كانت ومازالت تضع رغبات الآخرين فوق رغباتي في كثير من الأمور، وهذا الأمر يتعبني ويرهقني جدا.

بعد زواجي وسفري اعتقدت أنه بحكم البعد والغربة سيتحسن الحال، ولكن لا! أجد أحيانا نفسي عاجزك عن رفع السماعة لأكلمها، وأعجز حتى عن إخبارها بتفاصيل عادية من حياتي لمجرد أني فقدت تمام الثقة فيها، الأمر متعب وأخاف الآن أن يؤثر على علاقتي بطفلتي، فأنا لا أعرف حنان الأم، سمعت به ولكني لم أحسه يوما، ماذا أفعل؟ تعبت جدا مما أنا فيه.

للملاحظة: علاقتي بأبي جيدة والحمد لله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة وأختنا الكريمة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يعينك على بر والدتك ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

أول ما نطالب به من حرمت من الرحمة أن تجتهد في أن ترحم صغارها، ففي ذلك تعويض لها وزيادة في مخزون الرحمة في قلبها، ومن فقدت عطف الأمومة هي أعرف الناس بأهمية الحنان.

وأرجو أن تعلمي أن تقصير الأم لا يبيح لك التقصير؛ لأن بر الوالدين عبادة لله وطاعة، وربنا العظيم سوف يسأل الوالدة عن تقصيرها وسوف يسألك عن تقصيرك، وحق الوالدين عظيم، وخوفك من المستقبل إذا قصرت مع الوالدة في مكانه، فالبر يتوارث وكذلك العقوق، ونتمنى أن يكون دافعك للبر بالوالدة والإحسان إليها هو الرغبة في ما عند الله، وتعوذي بالله من شيطان لا يريد لك الخير، وقد أخبرنا ربنا العظيم بعداوة الشيطان، قال في كتابه (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، وعداوة الشيطان لا تتحقق إلا بطاعة الرحمن.

ونحن لا يمكن أن نقبل بنقد الوالدين ولكننا نذكر الأبناء أن ذلك دليل على طلبهم الكمال لأبنائها، فالوالدة تحب أن تكوني أفضل بنت في الدنيا، وهي لذلك تنتقد ما تراه نقصا، وكان ينبغي أن تركز على ما فيك من جمال وكمال، ولا مانع بعد ذلك من التنبيه على جوانب النقص، وذاك هدى النبى -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال لابن عمر (نعم الرجل عبد الله لوكان يصلى من الليل)، فكان من ثمار هذا المنهج وذلك التوجية مواظبة ابن عمر على قيام الليل حتى توفاه الله.

وإذا كنت ولله الحمد حسنة المظهر بشهادة الناس فتناسي ما حصل من انتقاد من الوالدة، واعلمي أن الوالد أو الوالد إذا سخر من أبنائه فكأنما يسخر من نفسه، واحمدي الله الذي وفقت في حياتك، واحرصي على سلوك الطريق الصحيح، وتبني الأسلوب الجميل في تعاملك مع أولادك وزوجك ومن حولك من الأخوات، واسألي الله أن يعينك على البر بالوالدين وصلة الأرحام.

ونحن سعداء لحسن علاقتك مع والدك، وننتظر تحسين العلاقة مع الوالدة، واعلمي أن بعدك عنها ليس عذرا في التقصير، وتأكدي أنها أول من يسعد بأخبارك الجميلة، ومن البر بالوالدين التركيز على إشراكهم في الأخبار الجميلة دون سواها حتى لا يحزنوا ويتأثروا، وقد كان الإمام أحمد يوقف الأنين من المرض ويتجلد إذا جاءت والدته، وهذا من دقة فقهه -رحمه الله-.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واعلمي أن قلبك وقلب الوالدة وقلوب الناس بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها، ونذكرك بأن الفلاح في مخالفة النفس والشيطان والهوى.

ونسأل الله أن يذهب ما في نفسك، وأن يعيننا وإياك على بر آبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد الممات.

مواد ذات صلة

الاستشارات