السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في عمر الـ 17 عاما، لن أنكر أني أملك كل ما أريده، والحمد لله كثيرا، ولكني مستهترة بالنعم، وأشعر دوما بندم كبير، وهذا ما يسبب شعورا بائسا يقبع في قلبي.
أشعر ببعدي عن الله وعدم رضاه عني، وعدم رضا والدي ومضايقتهم دائما بمشاكلي التافهة، لدي أصدقاء أحبهم كلهم، ولدي صديقة مقربة أتت بعد أخرى كان لفراقها وقع مما سبب خوف من الأولى، وجعلني دائما في حالة شك ووسواس ألا أكون صديقتها المفضلة كما هي بالنسبة لي، رغم أن لا شيء يدل على ذلك بوضوح، وكل الأشياء تدل على العكس، ولكن أبقى منتبهة للتفاصيل حتى أشعر بالجنون.
دائمة الشعور بالذنب تجاه نفسي والآخرين، ووالدي، وهي تحديدا، أشعر أني أنهي علاقاتي وأزيل نعمي بيدي، أعلم أنه كله قلق غير منطقي ووهم ، وأن هذا لن يزيد الأمر إلا سوءا، وأن علي ألا أخاف وأن أعبر القلق، وأحاول أحول الندم لشيء جيد، أعلم بكل هذا أفعل فترة، وأسقط أخرى، لا أعلم ماذا أفعل! اليوم أشعر بالذنب الكبير تجاه الكل، وأولهم نفسي، خائفة من الله خوفا مطلقا من زوال نعمه، وتحقق مخاوفي وقلقي غير المنطقي، كل شيء يجعلني مضطربا -خاصة الله وخوفي منه، وما سيفعله بي- لأنها ليست المرة الأولى، وكل مرة أعود وأستغفر وأعود مرة أخرى.
أرجو مساعدتي، لم يعد شيء يطاق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بلقيس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك – أيتها الكريمة – إحساسك وشعورك بالتقصير في حق الوالدين، وكذا في حق غيرهما من الناس، ونرجو أن يكون هذا الشعور باعثا لك على الاستزادة من الإحسان لوالديك والإحسان إلى غيرهما.
يمكننا – أيتها الكريمة – أن نضع لك إشارات ينبغي أن تتمسكي بها، تكون عونا لك بإذن الله تعالى على تخلصك من هذا الشعور الذي تجدينه؛ الذي يضايقك ويكدر عليك صفو حياتك.
أول هذه النصائح: أن تحسني الظن بالله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه أهل ومحل لكل ظن جميل، وأنت ترين من أحوالك فضل الله تعالى وإحسانه إليك مع ما فيك من التقصير، وهكذا يجد كل واحد منا، فكيف إذا تحسنت علاقتك بالله تعالى وحرصت على الاقتراب منه والامتثال لأمره والاشتغال بطاعته؟! لا شك أنه سبحانه وتعالى سيغير حالك إلى الأحسن، ولن يخذلك، ولن يتركك، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث القدسي: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).
إذا ظننت بالله تعالى أنه سيديم عليك النعم، ويجعل حظك في هذه الدنيا السرور والعافية؛ فإنه سبحانه وتعالى يفعل ذلك، فأحسني الظن بالله، ولا تفتحي للشيطان طريقا يكدر عليك صفو حياتك بما يحاول أن يلقيه في قلبك من الأوهام، وتغيير الله تعالى أحوالك، أو نحو ذلك.
الأمر الثاني: احرصي على القيام بحق الوالدين وبرهما، والبر معناه: فعل كل شيء يسرهما ويدخل الفرح إلى قلوبهما.
تجنبي إزعاجهما بقدر المستطاع، وإذا وقعت في شيء يخالف ذلك فبادري إلى طلب العفو منهما والمسامحة منهما، وهما سيفعلان ذلك.
أما بالنسبة لغيرهما من الصديقات فنصيحتنا لك أن تجعلي حرصك في هذا الباب على أن تعاملي صديقاتك المعاملة التي يرضاها الله تعالى، من المحبة لهن، وإيصال الخير إليهن بقدر الاستطاعة، والاستعانة بهن على ما ينفعك عند الله تعالى.
إذا عاملت صديقاتك بهذه المعاملة ابتغاء وطلبا لمرضاة الله تعالى فلا يهمك بعد ذلك بقيت هذه الصداقة أو لم تبق.
سلمي بعد ذلك لأمر الله تعالى، فإنه قد يبعد عنك بعض الناس لكونه يعلم سبحانه وتعالى أن الخير في إبعادهم عنك، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}.
احرصي على أن تكوني سائرة في الطريق التي يرضاها الله تعالى، قائمة بالمعايير والصفات التي شرعها الله تعالى لك من الالتزام، والحرص على مصاحبة الطيبات من البنات، فإذا فعلت ذلك فسلمي بعد ذلك الأمر لله تعالى ليختار لك ويقدر لك الخير، وربما كان هذا الخير هو من الشيء الذي تكرهينه أنت في الظاهر، فلا تقلقي لذلك، ولا تحملي هما.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.