السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
منذ أكثر من 28سنة وأنا وأتعالج من الاكتاب والوسواس والقلق، بعد صراع مع الوساوس في العقيدة أصابني انهيار عصبي وأنا طالب في الجامعة، فبدأت مشوار العلاج، وأكملت دراستي بصعوبة، حيث تناولت جميع الأدوية مثل انفرانيل75 مع ترنكسان، ثم لديوميل75، ثم انتقلت إلى بروزاك مع لورازيبام، وكانت الأمور مستقرة نوعا ما، وكان الطبيب يقول لي إن الأمر يعود للقلق وفي الاثنتي عشرة سنة الأخيرة، وأتناول زولوفت 50 ملغ حبة يوميا، على الرغم من أن الطبيب وصف لي حبتين يوميا، ولكني أتناول حبة واحدة، زائد برومازيبام 6 ملغ أتناول نصف صباحا وربع ليلا.
وقد كتبت لكم من قبل ونصحتموني بالتخلص من الرومازيبام، لكنني لم أستطع، وما زالت تأتيني من حين لآخر نوبات هلع مع الوساوس القهرية، والخوف من الأمراض والجنون، وأخاف على أولادي، وأشعر أن الحياة صعبة.. عذاب أليم حقا، وبعد أن تمر الحالة تذهب كل تلك الوساوس.
بعد مطالعاتي للنت علمت أن أدوية البنزوديازبين بعد الاستعمال الطويل تصبح هي المشكلة، مع العلم أن هذا الأمر وراثي نوعا ما في عائلتي، فأخي الذي يكبرني يتعالج مثلي، وأختي تعالجت لفترة قصيرة وشفيت -والحمد لله- منذ أكثر من عشر سنوات.
أنا ما زلت في ميدان التعليم، وهو أمر صعب، وأريد أن أتخلص من الأدوية ومن المرض، فبماذا تنصحونني؟ كما أن العلاج السلوكي هنا في الجزائر معظم الأطباء لا يلجؤون إليه لأنه يأخذ وقتا.
كما أنني مواظب على الصلاة في المسجد قدر المستطاع.
وشكرا لك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي لا أريدك أبدا أن تنظر إلى حالتك النفسية كنوع من الوصمة أو الضعف أو الإضعاف لمركزك الاجتماعي، هذه الأمراض مثلها مثل الأمراض الجسدية، والحمد لله أنت بالرغم مما تعاني منه قد أنجزت في حياتك، لديك الوظيفة، لديك الأسرة، تصلي مع الجماعة في المسجد، إنجازات عظيمة في حياتك أخي الكريم، والإنسان حين يكابد ويجتهد ويؤهل نفسه تأهيلا اجتماعيا إيجابيا بالرغم من وجود الأعراض النفسية هذا هو المطلوب.
وأنا أقول لك -أخي الكريم- الأيام الصعبة إن شاء الله بالنسبة لك قد انقضت، أنت الآن وصلت مراحل النضوج في كل شيء، مهاراتك الحمد لله اكتملت، الأسرة تكونت، حرصك على صلاتك والعبادة بقناعة ويقين، فإذا المراحل القادمة في حياتك أنا أراها إيجابية.
بالنسبة للعلاجات الدوائية: قطعا البرومازيبان أنصحك أخي الكريم أن تتخلص منه تدريجيا، وهذا الأمر ليس مستحيلا وليس بالصعوبة التي تتصورها، الإنسان يمكن أن يحرر نفسه من أشياء كثيرة خاصة إذا كانت أشياء سلبية ولا تعود عليه بالخير، البرومازيبان طبعا هو من البنزوديازبيانات وهو بالفعل لديه خواص التحمل والآثار السلبية وكذلك آثار الانقطاع أو الانسحاب، التحمل أقصد به أن الدواء يفقد فاعليته مع الاستمرار في تناوله؛ ولذا يضطر الإنسان بأن يرفع الجرعة حتى يتحصل على الأثر العلاجي الإيجابي أو ليتجنب الآثار الانسحابية، وجرعة البرومازيبان التي تتناولها قطعا لا أقول إنها كبيرة لدرجة مخيفة، لكن أنا غير مطمئن لها.
ويا -أخي الكريم- يجب أن ترفع الزوالفت إلى 100 مليجرام لأنها هي الجرعة العلاجية، هذه إن شاء الله تؤدي إلى طفرة كيميائية إيجابية في الدماغ، استمر على هذه الجرعة لمدة 6 أشهر ثم بعد ذلك ارجع إلى الجرعة الوقائية وهي 50 مليجرام، رفع جرعة الزوالفت سوف يساعدك للتخلص من البرومازيبان، والبرومازيبان يمكن أن تتخلص منه خلال ثلاثة إلى ستة أشهر، أنت لست في عجلة من أمرك فلا تنزعج، خفض الجرعة بمستويات قليلة وصغيرة جدا حتى تتخلص عنها، وقطعا حين ترفع جرعة الزوالفت وتمارس الرياضة مثلا وتحرص على النوم الليلي، وتكون أكثر إيجابية في تفكيرك هذا سوف يساعدك للتخلص من البرومازيبان، ويحسن إن شاء الله تعالى من مزاجك.
العلاج السلوكي -أخي الكريم- لا يتعدى أبدا التفكير الإيجابي، والفعل الإيجابي، وأن يكون الشعور إيجابيا، وأن ينظم الإنسان وقته، وأن يجعل لحياته أهدافا، وأن يكون الإنسان إيجابيا جدا من الناحية الاجتماعية، من أكثر الناس ارتياحا من الناحية النفسية هم الذين لديهم نسيج اجتماعي ممتاز، والذين يقومون بواجباتهم الاجتماعية أيا كانت، فاجعل لنفسك حظا من هذا وهذا هو العلاج السلوكي وليس أكثر من ذلك.
قطعا -أخي الكريم- الصلاة في وقتها، الدعاء، الورد القرآني اليومي هذه دعائم عظيمة للإنسان في حياته الدنيوية والأخروية إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد