السؤال
السلام عليكم.
هل أنا مصاب بوسواس قهري؟
حيث أني أحادث نفسي فأخشى أن أسب الله، أحيانا تتسلط علي أفكار مثل أني أمشي إلى المسجد وتكون في ورقة على الأرض، وأخاف أن أدعسها، ويكون فيها اسم الله، وأحيانا يأتيني شك أني فعلت شيئا يغضب الله نتمنى من سماحتكم الإجابة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم، ونسأل الله أن يمن عليك بالعافية، والجواب على ما ذكرت..
- ينبغي أن تعلم أن الوساوس من المشكلات العصيبة التي يتعرض لها البعض من الناس، فقد تبدأ بأمور بسيطة عارضة حتى تصل بصاحبها إلى قضايا خطيرة، والذي وصلت إليه هو من الوسواس القهري الفكري الذي يمس العقيدة، فيدعوك إلى الخوف المبالغ فيه من أنك قد تكون سببت الله، وكذلك دوس أوراق تشك أن فيها ذكر الله، وتشك أنك قد تكون أغضبت ألله، وهذا أمر غير وارد أصلا بدليل أنه إذا حقق معك في ذلك لأنكرته بشدة وأنه لم يحصل منك أبدا.
- ثم اعلم -أخي الكريم- أن استحواذ أفكار الوسوسة عليك وتعاملك معها بشيء من القبول، والتجاوب معها إيجابيا، يعد هذا فتحا لاستمرار الوسوسة في نفسك، وتطورها أكثر، ولابد عليك فورا ترك الاجترار الوسواسي، وذلك بقطع التفكير والاسترسال فيه، والإعراض عنه مطلقا، فأحكام الشريعة الإسلامية المحرمة أو الموجبة لشيء لا تكون إلا في أمر قطعي أو ظني، ولا تكون ابدا بالشك، فمثلا لا يجب رفع الورقة من الأرض إلا إذا رأيت أن فيها ذكر الله، وتعرف ذلك من النظر في الورقة، فتجد ذلك واضحا، وأما مجرد الشك فلا عبرة به شرعا.
- ولهذا عليك لزاما التعامل مع الوسواس بشيء من الجدية في العلاج.
- فهناك طريقة ثبتت في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيها علاج الوسواس قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته". رواه البخاري.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله. وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله. وزاد: ورسله ". رواه مسلم.
ويمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين، وذلك بالآتي:
* قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس.
* ثم قل آمنت بالله ورسوله، أو قل آمنت بالله ورسله.
* اترك التفكير أو الاستطراد في الوسواس فلا تلتفت لما جاء فيه مطلقا مهما كان الأمر، ولا تفكر فيه أبدا، ولا تذكر ما تجد لأحد.
قال ابن حجر الهيثمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك، لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".
- هناك طريق عام لعلاج الوسواس، وذلك بالالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصدق وإخلاص، كي يذهب عنك هذا المرض.
وكذلك بكثرة الذكر والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن والاستغفار، وحضور مجالس العلم، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان؛ وتزول عنه الوسوسة.
- قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿ إن كيد الشيطان كان ضعيفا ﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجها إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه". راجع رقم الإستشارة رقم : (2319982).
- وأخيرا أوصيك بالمداومة على الرقية الشرعية؛ لأن الوسواس قد يكون من أعراض مرض العين أو المس الشيطاني، فعليك قراءة سورة البقرة على الأقل كل ثلاثة أيام مرة، وكذلك قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات صباحا ومساء، ويمكن أيضا تقرأ الفاتحة سبع مرات وآية الكرسي ثلاث مرات والمعوذات ثلاث مرات على كوب ماء، ثم يشرب كاملا كرر هذا ثلاث مرات في اليوم في الصباح وبعد العصر وليلا، ويمكن أن تقرأ ما سبق على زيت الزيتون ويمسح به الجسد كاملا ما عدا أسفل القدمين صباحا ومساء، ويمكن أيضا أن تقرأ الرقية الشرعية على عسل طبيعي، ويؤكل منه باستمرار، وأرجو أن لا تخف مما حصل وأن تكون متفائلا، وأحسن الظن بالله، وأبشر بخير بإذن الله.
كان الله في عونك.