السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي أولا: ليس لدي ثقة بنفسي، وأندم على أبسط الأشياء، وأعلم أنه ما كان يجب علي فعل هذا، ولكن في كل مرة أكرر الخطأ ولن أتعلم، وأحيانا لا أعرف كيف أتكلم مع صديقاتي في المدرسة (طالبة سادس علمي )، ولا أعرف كيف أتحاور معهم في الكلام، أشعر أنني غير طبيعية.
وثانيا: أنا أحب وأتمنى أن أكون فتاة صالحة ومتدينة يحبني الله ورسوله، ولكن لا أعلم كيف فأنا أصلي وأصوم ولكن ليس لدي خشوع، ولا أشعر أن الله يسمعني! ولا أعلم كيف أدعو الله ويستجيب لي، وأنني بدأت أضبط حجابي وأحتشم ولكن أمي لا تؤيدني وتقول لي: سوف تتعقدين لأنك ما زلت صغيرة على الاحتشام!
وأحيانا كثيرة أشعر بالحزن والكآبة، ولا أعلم كيف أجامل في الكلام، وإذا تكلمت أقول شيئا يجعلني أندم عليه، ولا أعلم كيف أوزن الكلام، وأحب الهدوء، وعند الفوضى واللغو لا أستطيع التفكير وأنسى الكلام.
ولا أعلم كيف أعبر عن حالتي، فحياتي غير منتظمة، أمي وأبي لا يوجهوننا كثيرا، أتمنى أن تساعدوني وتنصحوني وتدعوا لي بالثبات على الأيمان وبالتوفيق في دراستي، فحلمي أن أكون طبيبة أو صيدلانية.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ تبارك الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة، وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يرزقك النجاح، ويحقق لك الآمال.
لا شك أن الثقة في النفس فرع عن الثقة في الله، والثقة في الله ثمرة الإيمان بالله، والتوكل عليه، والاستعانة به سبحانه، فاحرصي على تحويل الرغبة في التدين إلى تدين، واعلمي أن الطريق إلى حب الله إنما يكون باتباع الرسول، وقال سبحانه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)، وأظهري لوالدتك البر والتقدير حتى تحب الدين أكثر وتشجعك على مزيد من التمسك والالتزام.
وأرجو أن لا تحقري من نفسك وتعظمي الآخرين، ولكن قدري نفسك وقدري الآخرين، وتذكري أن النقص والضعف ملازم للبشر أجمعين، فأحمدي الله على ما أعطاك، واعلمي أنك تنالي بشكرك المزيد، ثم اكتشفي ما وهبك الله وطوري قدراتك وملكاتك، واقتربي من أسرتك وتواصلي مع الصالحات، واشهدي الخير والمحاضرات، وافعلي الخير، وأكثري من الحسنات، واعلمي أن المؤمنة التي تخالط النساء وتصبر خير من التي لا تخالط ولا تصبر، وأن التواصل الفعال له أربع مراحل:
الأولى: التعامل بالمكافأة كما يقال واحدة بواحدة.
الثانية: أن نعامل الناس بما نحب أن يعاملونا به.
الثالثة: أن نعاملهم كما يحب الله.
الرابعة: أن نعاملهم كما نحب أن يعاملنا الكريم سبحانه.
والمرحلة الثالثة والرابعة لا يعرفها إلا تجار الآخرة الراغبين فيما عند الله فكوني منهم، واجعلي همك في الدنيا إرضاء الله فرضا الناس غاية لا تدرك، ومن هنا كان هم الفضلاء إرضاء رب الأرض والسماء فإذا رضي العظيم عنا أمر جبريل أن ينادي في السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يلقى له أولها القبول في الأرض قال سبحانه: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا).
وإذا شعرت بالحزن، أو الضيق، أو الكآبة فاذكري ربك واسجدي له واركعي، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، فعاملي عدونا بنقيض قصده، واتخذيه عدوا، وخالفيه كما أمرنا الله.
وأنت ولله الحمد في عمر لا تحتاجي معه لكثير من التوجيه، ومما يدل على ذلك هذه الاستشارة التي فيها شعور بالخلل وسعى للإصلاح ورغبة في التصحيح.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بترتيب أولوياتك وتحديد أهدافك بل وكتابتها، ثم استعيني بالله في تحقيقها واحرصي على مداراة من حولك من خلق الله، ومعنى المداراة هي أن نعامل كل إنسان بما يقتضيه حاله، وديننا ينظم العلاقات ويحدد القواعد والضوابط، وننتظر من أبنائنا وبناتنا أن يتعلموا دينهم ويعلموه ويتمسكوا به ويفاخروا؛ حتى نفوز بقول ربنا: (فلنحيينه حياة طيبة)، قال ابن القيم في الدنيا والقبر والآخرة.
وفقك الله وسدد خطانا وخطاك وحفظك وتولاك، ونكرر الترحيب بك.