السؤال
السلام عليكم
عمري 26 سنة، أعاني من القلق النفسي، وقد أثر علي كثيرا وعلى حياتي بشكل كبير، منذ طفولتي وأنا انطوائي ومنعزل عن الناس وأحب الوحدة.
بالطبع لم أكون صداقات أو علاقات مع أحد؛ لأنني ببساطة مريض بالرهاب الاجتماعي لدرجة أنه أعاقني في البحث عن عمل، أو وظيفة مثل كل من هم في سني.
نظراتي دائما تكون للأسفل بسبب الخجل في كل المواقف، وأعاني من الظنون السلبية، وأصبحت تشكل جزءا كبيرا من شخصيتي، ولم تظهر علي هذه الحالة إلا بعد مرحلة الإعدادية، وبدأ هذا القلق في التمكن مني ولا أجد له تفسيرا.
بالتحديد أصبحت متشائما، ومزاجيا، واكتئابيا طوال الوقت، ذهبت لأكثر من دكتور نفسي وكلهم شخصوا حالتي بأنها: قلق نفسي يندرج تحته كل أنواع القلق والرهاب والخوف.
أرجو المساعدة من خلال موقعكم الجدير بكل الاحترام، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا أريدك أن تعتبر ما تعاني منه مرضا؛ لأن القلق النفسي هو طاقة، والقلق يمكن أن يكون مفيدا جدا، ويمكن أن يكون إيجابيا جدا، فهو الذي يحركنا، هو الذي يدفعنا، هو الذي يرفع من همتنا، هو الذي يجعلنا نثابر ونجتهد حتى ننجح، بمعنى أن الذي لا يقلق لا ينجح، الذي لا يقلق لا ينجز ولا يستعد ويؤدي ما عليه من واجبات.
لكن أتفق معك أن القلق قد يزيد عن المعدل الإيجابي ليصبح قلقا سلبيا، وتكون نقطة العلاج والركيزة الأساسية هو: كيف أحول هذا القلق الذي طفح وزاد لأجعله قلقا إيجابيا، وهذا ببساطة يتطلب منك أشياء معينة:
أولا: أن تتفاعل اجتماعيا، ألا تعزل نفسك اجتماعيا أبدا، وأول ما تبدأ به هو الصلاة مع الجماعة في المسجد، الصلاة هي عماد الدين، والقيمة العلاجية لها عالية جدا فيما يتعلق بالرهاب والخوف والقلق، لأن الصلاة فيها تدبر وفيها تأمل وفيها ركن من أركانها هو الخشوع، وهذا ينقلك إلى حالة استرخائية جدا، وقطعا حين تصلي مع الجماعة سوف تحس بالأمان، وهذا يقضي على الرهاب.
الخطوة الثانية هي: الرياضة، أي رياضة جماعية مثل كرة القدم مثلا سوف تجعل قلقك يتحول من قلق سلبي إلى قلق إيجابي، فاحرص على ذلك.
النقطة الثالثة هي: القيام بالواجبات الاجتماعية، وأولها بر الوالدين، وأن تكون جزءا رئيسيا في أسرتك، تشارك في كل شيء، وأن تقوم بالواجبات الاجتماعية الأخرى، أن تلبي الدعوات، الأفراح، الأعراس، أن تزور المرضى وتشكر الله على نعمة العافية، أن تمشي في الجنائز وتقدم واجب العزاء، أن تجالس أصدقائك الأخيار، أن تتفقدهم، أن تصل أرحامك وتبرهم وتحسن إليهم. هذا علاج وعلاج مهم جدا.
وفي حالتك هنالك أمر آخر مطلوب، وهو: أن تبحث عن عمل، وأن تبدأ بالعمل، لأن العمل هو قيمة الرجل، والعمل هو الذي يحول الطاقات النفسية السلبية إلى طاقات إيجابية.
هذا هو علاجك - أيها الفاضل الكريم - وأنا لم أطلب منك شيئا خارج النطاق المتوفر والموجود في حياتنا، ونحن الحمد لله مجتمعاتنا مجتمعات متماسكة، متواصلة، فيها فعاليات بر وتواصل وعمل خير، فأريدك بالفعل أن تجتهد فيما ذكرته لك، واعرف أن الإنسان أفكار ومشاعر وأفعال، من يفعل ويؤدي الواجبات يتحسن مزاجه وتتحسن أفكاره، وبذلك تكون قد عالجت نفسك تماما.
أيها الفاضل الكريم: يجب أن تكون حسن التوقعات، وأن تضع خطة لإدارة الوقت وإدارة المستقبل، ما الذي تريد أن تقوم به؟ وعليك بالصداقات والصحبة الطيبة الصالحة. هذا كله علاج متوفر.
هنالك كتاب جيد اسمه (دع القلق وابدأ الحياة) كتبه كارنيجي، وهو كتاب قديم لكنه ممتاز جدا، أرجو أن تتحصل عليه من أحد المكتبات وتقرأ فيه، وتحاول أن تطبق بعض التطبيقات التي ذكرت في هذا الكتاب، وهنا في إسلام ويب أيضا لدينا اهتمام كبير بتمارين الاسترخاء، لأنها تفيد في علاج القلق، وموقعنا هذا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتطبق ما بها من تمارين.
وختاما أريد أن أصف لك دواء بسيطا يسمى (موتيفال) وهو متوفر في مصر وزهيد الثمن، ابدأ في تناول حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم اجعله حبة صباحا وحبة مساء لمدة شهرين، ثم حبة واحدة ليلا لمدة شهرين آخرين، ثم توقف عن تناوله.
أرجو أن تطبق ما ذكرته لك، وأنا متفاءل جدا أن أحولك سوف تتحسن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.