كيف تختار المسلمة تخصصها العلمي والشرعي؟

0 423

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

سؤالي يتعلق بالتعليم، كيف يمكن تحديد المجال والمهنة؟ خاصة للمسلمات، أنا أعيش في الغربة، وأريد أن أكمل دراستي العلمية وأتمنى هذا، لكن بسبب الاختلاط والخطر الذي تتعرض له المسلمة في كل حين، فمترددة، وأفكر وأنا حامل، أني ممكن أن أدرس شيئا يفيدني وأسرتي وأولادي في المستقبل.

والآن جاءتني الفرصة أن أدرس الدراسة الشرعية عن طريق البريد، فلا أعرف أيهما أختار وبأيهما أبدأ؟؟ الدراسة الشرعية لأني أتمنى جدا أن أكون داعية، أم الدراسة العلمية وخاصة في الزمن الذي نعيش فيه وأهمية الشهادة من قبل الكل؟ وفكرت أننا لو عشنا في المستقبل في بلد إسلامي فممكن أن أعمل بشهادتي هذه، وهناك البعض يخيفني بكلامه ويقول ماذا لو احتجت للعمل! لا سمح الله لو حصل شيء لزوجك أو شيء كهذا.

فلا أدري الآن ماذا أفعل وأنا في بداية حملي، لا أريد أن أكون مسلمة سلبية، ولكني لا أعرف بماذا أتخصص؟ أحب التدريس، والترجمة مثلا وأحب علم التربية والأطفال وتطور الأطفال ونفسيتهم.

أنا لم تسمح لي الظروف الاقتصادية أن أستمر للمرحلة الجامعية، لكني أتمنى جدا أن أدرس فيها، وأنا لدي فقط شهادة الثانوية العامة، وأنا كثيرة القراءة والمطالعة، وأشعر بالخجل عندما يسألني شخص ما هي دراستي وأقول أنها الثانوية العامة.

والآن وبعد أن تزوجت وعدني زوجي أنه سيعينني ويساعدني في التكاليف على أن أكمل دراستي، وعندما رأيت أن الأمر أصبح واقعا، وقعت في هذه الحيرة التي ترونها، مجال ديني أفيد بها المسلمين من غيري وأفيد آخرتي؟ أم المجال العلمي؟؟ وخاصة أني أرى أن على المسلمين أن يكونوا ذوي شهادات عالية، أيضا لأنهم لا يقلون بشيء عن غيرهم، لكن ماذا عن المسلمات؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حورية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.

فكم نحن سعداء بأخواتنا صاحبات الهمة العالية، وهكذا ينبغي أن تكون المسلمة في حرصها على الخير ورغبتها في نفع الآخرين، ولا عجب؛ فالمسلمة كالغيث حيثما وقع نفع، ولا خير في السلبية، وكلنا مسؤول عن نصر الإسلام ونشره، وخير الناس أنفعهم للناس، ولأن يهدي الله على يديك امرأة واحدة خير لك من حمر النعم.

ولا شك أن الدراسات الشرعية مفيدة جدا للمرأة المسلمة؛ لأنها تنتفع بها في نفسها وتتمكن من تربية أبنائها ونفع أخواتها، وتقرب الإنسان من ربه عز وجل، ولا عجب فطلب العلم جهاد ومذاكرته تسبيح، ونشره بين الناس دعوة إلى الله.

وأرجو أن تجعلي النية خالصة لله، ولا تجعلي النية طلب الشهادات؛ فإن الإنسان إذا أخلص نال الأجر مرتين: أجر الإخلاص، وأجر الوظيفة، وإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.

ولا داعي للخجل فالعبرة بالاجتهاد في الطلب، والفلاح في أن تظهر على الإنسان ثمرات العلم من الخشية لله والسكينة والوقار، وذلك لأن العلم بلا عمل كالشجرة بلا ثمر، وفي الناس من يحمل شهادات زور، بل من الناس من كان ضلاله على علم، وهذا أسوأ أنواع الانحراف، وأحسن من قال:

لو كان في العلم من دون التقى شرف لكان أشرف خلق الله إبليس

ولا شك أن ديننا يهتم بالعلم، بل ويجعله عبادة لله وفريضة على كل مسلم، خاصة الجزء الذي يتعلق بتصحيح العقيدة والعبادة، والعلم هو أول مطلب: (( فاعلم أنه لا إله إلا الله))[محمد:19]، والدعوة إلى القراءة والكتابة هي أول ما نزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم في غار حراء.

ولازال التدريس هو أنسب المهام التي يمكن أن تقوم بها المرأة المسلمة، والتربية عندنا قبل التعليم وتنشئة الجيل الصالح هي أشرف المهام، وعلى يد الصالحات تخرج العلماء والأبطال، ووراء كل عظيم امرأة، كما أن مهنة التعليم الوسط فيها نظيف، خاصة إذا تخصصت المرأة في تعليم البنات وابتعدت عن الاختلاط والشبهات.

والصواب أن تكملي دراستك الشرعية، ولا مانع بعد ذلك من التوسع في دراسة منهج التربية الإسلامية، وهذا هو أهم وأخطر المجالات، وإذا صنع غيرنا الصابون والملابس فمن واجبنا أن نتفرغ لصناعة الأجيال وتربية الأبطال، فإن أكبر عماد لكل تنمية وتطور هو هذا الإنسان الذي كرمه الله.

ونحن ننتظر من المسلمات الخير الكثير، وليت المرأة المسلمة قامت بدورها الذي يناسب فطرتها وأنوثتها بدلا عن مزاحمتها للرجال في معترك الحياة، وقد خسرنا كثيرا بترك المرأة لرسالتها.

ولا شك أن المجال العلمي تخصص فيه الكثير والكثير، لكننا نفتقر إلى مربيات ومدرسات على هدى وبصيرة وفقه وحسن سيرة وسريرة، وقد آن الأوان لاكتشاف خيانة الذين أرادوا المرأة سلعة رخيصة بدعوتهم لها إلى التحرر الذي انقلب إلى تحلل من الفضيلة والخير، ووجدت المرأة نفسها عريانة وحولها شهوات الرجال تضطرب في حيوانية، وقد اكتشفت المرأة الغربية هذه الخديعة وبدأت في طريق العودة، ولكن لست أدري متى تنتبه المرأة المسلمة إلى دينها وشرفها؟ نرجو أن يكون ذلك قريبا.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.



مواد ذات صلة

الاستشارات