السؤال
السلام عليكم
أود أن أفضفض معكم وأجد إجابة تريح نفسي وقلبي.
أمي امرأة مثقفة ومتعلمة تعليما عاليا، ولها مكانة مرموقة في عملها، ولكنها ليست حنونة خاصة علي، أشعر أنها تعامل أخواتي أحسن مني، وأنا أتعامل مع هذا الوضع بكل مزاح، ولا أعصي لها أمرا.
منذ أيام اعترضت على كلامها، فقالت أمام أبي: "إني سأرزق بزوج سيئ مثلي" ودائما تشتمني أمام إخوتي!
بعد هذا الكلام شعرت بالحزن الشديد، وانهرت انهيارا تاما، وشعرت بالكراهية من جانبها، حتى إن أبي طلب منها أن تصالحني لكنها لم تفعل، دائما أفكر لماذا تتعامل معي هكذا رغم أني محبوبة من الجميع؟
أنا بطبيعتي ذكية جدا، و(لماحة) لدي إدراك ووعي لكل ما هو حولي، وهذا ما يجعلني أعترض على أمور كثيرة، وأتكلم بصراحة، خاصة مع أهلي، لكن أمي في أوقات كثيرة لا تتقبل كلامي!
ماذا أفعل معها؟ وكيف أتعامل؟ أشعر بالحزن العميق والألم عندما أتذكر ما قالته لي.
آسفة للإطالة ولكن لا أجد من أخبره بهذا الكلام، أو بمعنى أصح لا يمكنني أن أتكلم مع أحد عن هذا الموضوع.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويقدر لك الخير ويصلح الأحوال، وأن يرزقك بالصالح من الرجال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
ما يحصل بين بعض بناتنا والأمهات في مرحلة المراهقة وما بعدها من احتكاكات أمر طبيعي؛ فالبنت تقترب في هذه المرحلة العمرية من والدها، كما أن الأبناء الذكور يقتربون من والدتهم.
بعض الآباء والأمهات لا يتفهم هذا؛ فيحدث نفور بين الأب وأبنائه، وقد يشتد عليهم، وربما زعم أنهم أبناء امرأة، وأن أمهم تدللهم...الخ.
كذلك قد يحدث من الأم احتكاك مع بنتها، وربما تتهم والدها بأنه يدللها، ونحن نؤكد أن اقتراب البنت من والدها ومحارمها أمر طبيعي، تأخذ من خلاله صورة تقريبية عن الشريك الذي سوف تكمل معه مشوار الحياة.
الأبناء أيضا عندما يقتربون من والدتهم ليأخذوا صورة تقريبية للكائن الذي سوف يكملون معه مشوار الحياة، وقد ألفت حول هذه المشكلة مؤلفات، منها كتاب (أنت وبناتك المراهقات).
نحن ننصحك بنسيان ما حصل، واجتهدي في إرضاء الوالدة، واحمدي الله الذي جعل لك قبولا، ورزقك ذكاء وفطنة.
الكلام الذي قالته الوالدة لن يؤثر، وسوف يأتيك رزقك والزوج الذي يقدرك ويقدمك على من سواك.
نرجو أن لا تصري على أن تصالحك الوالدة؛ فأنت الأصغر وأنت البنت، فإن هي اعتذرت فبها ونعمت، وإن لم يحصل منها اعتذار صريح فلا تتوقفي عند هذا الأمر؛ فأنت لا تتعاملين مع زميلة بل أنت تتعاملين مع والدة تستحق التكريم والاحترام، والصبر ثم الصبر، وإذا لم نصبر على أمهاتنا فعلى من سيكون الصبر؟!
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونحن سعداء بتواصلك، ونرحب بك وبالفضفضة وإخراج ما في نفسك، وثقي أن كل من في الموقع من مستشارين ومستشارات هم لكم في مقام الآباء والأمهات، فاكتبي كل ما في نفسك، وخذي راحتك، وتقبلي التوجيه ممن هم أكبر منك، واعلمي أن العاقلة تزيد عقلها بمشاورة من هم أكبر.
احرصي على أن تعاملي والدتك بما يقتضيه حالها، وقدري رغبتها في أن تتميزوا جميعا.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.