أعاني من الوسواس وأتحرز من النجاسة كثيراً

0 81

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من الوسواس بشكل فظيع، في كل شيء فمثلا عند دخولي للحمام -أعزكم الله- أخاف جدا من ماء الاستنجاء أن يأتي إلى ثيابي، أكثر المرات أشك هل لامس ثيابي أم لا؟ وأنزع ثيابي، وأقوام بغسل جسدي خوف ملامسة جسدي شيء من ماء الاستنجاء أكرر الوضوء أكثر من مرة وأعيد الصلاة أيضا أكثر من مرة أؤخر الصلاة لآخر وقتها، أبكي وأنا في الصلاة، أعيد ركعات من الصلاة، وأسجد للسهو أكثر من مرة.

أنا -ولله الحمد- منذ صغري وأنا محافظة على السنن الرواتب، بدأت أتركها، وأشك في كل شيء.

سؤالي الثاني: إذا غسلت شيئا نجسا أو فيه شيء من النجاسة، وجاء شيء من ماء الغسيل إلى ثيابي، هل يجب علي تغيير ثيابي كلها؟ وإذا لامس الرمان أو شي من الفواكه شعري هل يجب علي غسل شعري أم لا يعتبر حاجزا للوضوء في بعض المرات.

أنا في التحيات أتساءل هل سجدت واحدا أم اثنتين فأقوم بالسجود وأعيد التحيات، مع العلم يوجد شيء في نفسي يؤكد أني سجدت اثنين، ولكن أسجد خوفا من عدم قبول صلاتي، وبعد الصلاة أسجد للسهو.

هل فعلي صحيح أم لا؟ أرجو منكم الرد وسريعا، أريد ادعية وأشياء تثبتني على الدين، الهم في قلبي كبير جدا، وأنا حزينة، أرجو منكم أن تدعوا لي أن يثبتني الله.

أعتذر للإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يمن عليك بالعافية، والجواب على ما ذكرت.

اعلمي -أختي الكريمة- أن الوسواس من المشكلات العصيبة التي يتعرض لها عدد من الناس، وهي متفاوتة في خطورتها، فقد تبدأ بأمور بسيطة عارضة حتى تصل بصاحبها إلى قضايا خطيرة، ويحتاج إلى وقفة جادة في المعالجة.

مسألة استحواذ فكرة الوسخ والتنجيس: وتشمل مخاوف بلا أساس من التقاط مرض خطير، أو الخوف المبالغ من الوسخ أو النجاسة أو الاهتمام الزائد عن الحد بطهارة ونظافة الجسم، هذا يعد من الوسواس الفكري الذي تحول إلى جانب سلوكي في التعبد.

الوساوس من كيد الشيطان الرجيم الذي له مداخل عدة، وطرق شتى على بني آدم، تختلف باختلافهم، ومن أخطر هذه المداخل وأعظمها ضررا، وأقواها تأثيرا، وأعمها فسادا هي الوسوسة، التي هي طريقة لفريق من المسلمين الذين عجز عن إغوائهم بالطرق الأخرى، ولم تصدهم حبائله المختلفة، فعمد إليهم بهذه الوسيلة، الوسوسة.

عليك بسرعة الخلاص من هذا الوسواس، واعلمي أن للخلاص منه طريقين:
طريق عام: وطريق خاص:

- أما الطريق العام فيكون: بكثرة الذكر، والمحافظة على الصلاة، وقراءة القرآن والاستغفار، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان؛ وتزول عنه الوسوسة.

قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، قال تعالى: ﴿إن كيد الشيطان كان ضعيفا﴾ [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجها إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه".

من طرق الخلاص طلب العلم الشرعي.
قال ابن الجوزي: "اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل، فهو يدخل منه على الجهال بأمان، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مسارقة، وقد لبس إبليس على كثير من المتعبدين بقلة علمهم، لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد ولم يحكم العلم" فطالب العلم يعرف الأحكام المتعلقة بالشرع وما يصح منها وما لا يصح، ويعرف الوسواس وطرق الخلاص منه.

من العلاج الوسوسة : الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصدق وإخلاص، كي يذهب عنك هذا المرض.

- أما العلاج الخاص للوسوسة: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :" لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله. وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله ثم ذكر بمثله. وزاد: ورسله " رواه مسلم.

يمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين، وذلك بالآتي:
قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس، ثم قولي آمنت بالله ورسوله، أو قل آمنت بالله ورسله، واتركي الاستطراد في الوسواس فلا تلتف لما جاء فيه مطلقا.

جاء في الحديث "فليستعذ بالله، ولينته" ومعناه: إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله - تعالى -في دفع شره عنه، وليعرض عن الفكر في ذلك، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها.

قال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك، لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها". راجع رقم الإستشارة رقم : (2319982).

كان الله في عونك.

مواد ذات صلة

الاستشارات