السؤال
السلام عليكم.
هذه الفترة من حياتي سوداء جدا، فأنا تائهة، وغير راضية عن حالي وحياتي كثيرا، متشائمة لا أرى أي خير، ولا أتذكر أي نعم، أشعر وكأنني سوف أبعد عن ديني، لا أسمع لأي كلام متفائل، قدمت الكثير لغيري ولأهلي وكنت أنتظر العوض والفوز، أو حتى الشعور بالرضا، ولم أر أي نتيجة، بالعكس أجد من هم أقل مني في كل شيء أصبحوا أفضل مني ونالوا الكثير من الأمور الطيبة، وأنا لا أفكر كثيرا لما يحدث معي هذا، ما الذنب الذي سود حياتي كل هذا ولا أجد إجابة؟ ولا أرى أنني وحدي التي تخطئ بل جميعنا يخطئ ويذنب، إذا لماذا أنا؟!
أظل أبكي بالساعات عندما أفكر في هذا الموضوع، نفسيتي متعبة جدا، أصبحت لا أصدق أن هناك خيرا وعوضا من الله (أستغفر الله)، لا أصدق أي كلام عن التفاؤل من غيري، ماذا أفعل يا شيخ؟ لماذا أنا فقط التي تشعر بهذا النقص رغم من أنني إنسانة جيدة ومحبة لغيري، وأقدم يد العون دائما لغيري، ولم أجد أي مقابل، أو توفيق أو أي شيء مميز يميزني عن غيري.
أنا منتظمة في صلاتي ولكن تأدية فقط، ولا أستطيع الدعاء أبدا؛ لا يستطيع لساني ينطق أي طلب من الله سوى الموت، أتمنى منك أن تعلمني أي كلمات تصلح بها نفسي وتقومها، ادع لي يا شيخ أرجوك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Hagar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - بنتنا وأختنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يعطيك ويرضيك، وأن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يرزقنا الرضا وأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال، وأن يحقق لنا ولك السعادة والآمال.
يا بنيتي: من تفعل الخير لا تقع، وإن وقعت وجدت متكئة، فافعلي الخير، واعلمي أنه درب الفلاح، وتعوذي بالله من شيطان يحاول أن يوصلك إلى اليأس من رحمة ربنا الرحيم، فعاملي عدونا بنقيض قصده، وقدمي ما عندك من الخير، ولا تنتظري سوى الأجر من الله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وإذا لم يشكر الناس ما تقومين به من الخير فذلك يعني أنك ستفوزين بكامل الأجر عند الله إذا احتسبت، فلا تعملي إلا بنية، واحرصي على أن تكون نيتك خالصة لله، وقد مدح الله أولياءه بقوله: {إنما نطعكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}.
ونحن ندعوك إلى أن تفكري في النعم التي تتقلبين فيها، وتنظري دائما إلى من هم أقل منك في كل أمور الدنيا، استجابة للتوجيه النبوي: ((انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم كي لا تزدروا نعمة الله عليكم))، ولكن في أمور الآخرة ننظر إلى من هم أعلى منا حتى نتأسى بهم ونجتهد في اللحاق بهم.
واعلمي أننا جميعا نتقلب في نعم من الله، والسعيدة هي التي تتعرف على نعم الله عليها ثم تؤدي شكرها لتناول بشكرها لربها المزيد، وتحافظ على ما عندها من النعم، فلا تضيع ولا تبيد.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بالرضا بقضاء الله، واعلمي أن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ونكرر لك الوصية بعدم التوقف عن عمل الخير حتى لو لم تجدي مدحا أو ثناء من أحد، فإن الله قال للصديق رضي الله عنه لما عزم على قطع مساعداته لمسطح رضي الله عنه لما خاض في عرض عائشة رضي الله عنها: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} فقال الصديق: (بلى والله نحب ذلك) فوصله وأحسن إليه وزاره.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والثبات.