السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب تخرجت من الثانوية السنة الماضية ودرجاتي عالية -ولله الحمد-، بحثت كثيرا في اختيار التخصص، ووجدت أن لدي ميولا واضحا في تخصص هندسي معين، ولكن التخصص هذا لا يدرس في جامعة مدينتي، لذا وبعد تفكير عميق قررت الدراسة في جامعة خارج مدينتي من أجل هذا التخصص.
وبعد شهرين من الدراسة في هذه الجامعة وأثناء دراستي كنت أسمع بعض المقاطع الدعوية التي تحث على بر الوالدين، وتبين ما لبر الوالدين من الأجر العظيم، ففكرت في العودة إلى الدراسة في مدينتي ودراسة تخصص معين في الحاسب (لدي ميول بسيطة في الدراسة فيه).
مع العلم أن التخصص الهندسي الذي كنت أرغب في الدراسة فيه ليس الأفضل من ناحية الطلب الوظيفي، ومع العلم أيضا أن والدي لا يحتاجان لي، ولم يمنعاني من الدراسة في الجامعة التي رغبت في الدراسة بها.
أشيروا علي، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأرجو أن تعلم أن دراستك في الجامعة البعيدة لا يتعارض مع برك لوالديك، الذين هم أحرص الناس على نجاحك ودراستك وتفوقك، بل إن دراستك للهندسة غالبا ما تكون أرضى لهما، وفي ذلك لون من البر بهما، كما أن وظيفتك العالية ودخلك المرتفع، ومكانتك في المجتمع وغيرها من فوائد الدراسة هي أشياء تعينك على مزيد من البر والإحسان.
وقد أشرت إلى أن والديك لا يمانعانك من دراستك في المدينة البعيدة، وأنهما لا يحتاجان إليك، وعليه فنحن نقترح عليك إكمال دراستك، واغتنم الفرص لزيارتهم والدعاء لهم والسؤال عن صحتهم وأحوالهم، وحض إخوانك على خدمتهم، واعلم بأن البر عبادة، والإنسان يجزى على قدر نيته، وإذا علم الله منك صدق الرغبة في البر كتب لك ثواب البررة.
ولا يخفى على أمثالك أن المجال الناجح المفيد هو الذي يجد فيه الإنسان ميلا أكثر، ورغبة أكثر، وهذا ما حصل معك في البداية، حتى اخترت التخصص وتركت مدينتك، أما العائد المادي فقد يأتي لاحقا رغم أهميته.
فخذ بالعزيمة وكن عالي الهمة وأكمل دراستك، واجتهد في التفوق، وقدم تفوقك هدية وبرا لوالديك ولبلدك ولأمتك، ولا مانع من أن تعرض ما في نفسك على والديك، وسوف تسمع منهم ما يشجعك على الاستمرار في الدراسة التي بدأتها.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونوصيك باغتنام كل الفرص لمتابعة بر والديك، والاستفادة من فترات العطلات في مزيد من القرب والبر.
ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يحفظك ويتولاك.