السؤال
السلام عليكم..
دكتور محمد عبد العليم..
أنا أعاني من قلق واكتئاب ومزاج منخفض كل الأوقات، ومنذ سنوات، لكن أدوية الاكتئاب التي توصف لي تعمل بشكل عكسي بعد أسبوع تقريبا من استخدامها، مثل: بروزاك، ايفكسور، سيروكسات، تربتزول، انافرانيل، سبراليكس، وهو الذي أستخدمه حاليا، ونفسيتي تهبط، وأنا أعمل حاليا وأحرج من الموظفين.
حيث استخدمت الأدوية المذكورة لفترات طويلة، لسنوات أو شهور، وأتناولها حسب وصف الطبيب، وأريد أن أقول أنه سابقا كانت أدوية مثل: تربتزول، وبروزاك، تساعدني وحاليا لا.
كانت تمر أوقات سابقا لا أجد الدواء، وأبقى بدونه أياما، ثم أحصل عليه من المشفى عبر التأمين الصحي. رجاء ماذا أفعل؟ هل سأبقى هكذا مع دواء أو بدونه غير مرتاح؟
كما أعاني من نقص طفيف في فيتامين د فقط، أتمنى تدلني على دواء يعمل بشكل مختلف عن هذه الأدوية ومفعوله سحري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عنان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب وفي شخصي الضعيف.
أتفق معك تماما أن بعض الناس الأدوية المضادة للاكتئاب أو المحسنة للمزاج لا تفيدهم أبدا، بل على العكس ربما تؤدي إلى سلبيات كثيرة في صحتهم النفسية، بالرغم من اعتقادهم أنهم يعانون من الاكتئاب النفسي، و السبب في ذلك أن الاكتئاب قد يكون اكتئابا انفعاليا وجدانيا وليس اكتئابا بيولوجيا، الأدوية تعمل على تنظيم كيمياء الدماغ من خلال تحسين مسارات الموصلات العصبية إذا كان بها خلل في حالة الاكتئاب النفسي، وكثير من الأدوية النفسية المضادة للاكتئاب لها مفعول سلبي على بعض الناس، لذا أقول لك:
الذي تحتاجه حقيقة هو الانخراط في برامج سلوكية حياتية يومية، وهذا الأمر في منتهى البساطة:
أولا: أن تلتزم بالواجبات الاجتماعية، والإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، مهما كانت الأفكار سلبية ومهما كانت المشاعر سلبية؛ إذا جعلت أفعالك إيجابية هذا سوف يعود عليك بخير عظيم جدا، سوف تتبدل المشاعر، وتتبدل الأفكار لتصبح إيجابية، لأنك قمت بالفعل الإيجابي المرضي.
أمر بسيط جدا: إذا ذهبت وزرت مريضا في المستشفى (مثلا)، هذا عمل عظيم ورائع جدا، يعود عليك بخير كثير من حيث الفكر والمشاعر... وهكذا.
أنا أعطيك مثالا بسيطا لكنه ذو قيمة علمية كبيرة.
فإذا أحسن إدارة وقتك، وضع برنامجا يوميا لإدارة الوقت، وإدارة الوقت لا تعني فقط أن تنخرط في العمل، لا، العمل له وقته، الترفيه عن النفس لها وقتها، ممارسة الرياضة، العبادة، التواصل الاجتماعي، النوم الليلي المبكر... هذا كله يهيئ للصحة النفسية ليجعلها أكثر إيجابية.
ويا أخي الكريم: كن حسن التوقعات وحسن الظن بالله تعالى، ودائما كن إيجابيا في فكرك مهما كانت هنالك سلبيات.
الصلاة في وقتها مع الجماعة - أخي الكريم - تمثل دافعا نفسيا عظيما للإنسان، وكذلك بر الوالدين، والانخراط في الأعمال الخيرية، والأعمال الاجتماعية، والتطوعية، وحتى الانخراط في الجمعيات الثقافية، وجدناه علاجا اجتماعيا ممتازا، ليشعر الإنسان بقيمته في الحياة.
القراءة، الاطلاع، مجالسة أهل المعرفة والعلم والصلاح وحضور المحاضرات والمؤتمرات العلمية، يعطيك - أخي الكريم - دفعا نفسيا إيجابيا.
الرياضة المنتظمة، الحرص على أن يكون غذاؤك غذاء صحيا ومتوازنا... هذا - أخي الكريم - يكفيك ويفيدك تماما.
لا يوجد دواء سحري حتى بالنسبة للمكتئبين البيولوجيين، إنما الأدوية تساعد، لكن العوامل الأخرى التي ذكرتها لك مهمة.
أخي: يوجد عقارا يسمى (فالدوكسان/Valdoxan) واسمه العلمي (اجوميلاتين/ agomelatine) يمكن أن تجربه، وهو من أحد مضادات الاكتئاب الجيدة، والتي تحسن من الدافعية عند الناس، لكن هذا الدواء يمنع استعماله بالنسبة للذين يعانون من أي ارتفاع في أنزيمات الكبد، فتواصل مع الطبيب، أجري فحص أنزيمات الكبد وإن وجدته سليما - وهذا هو الذي نتوقعه - يمكن أن تبدأ في تناول هذا الدواء بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، وبعد أسبوعين افحص أنزيمات الكبد مرة أخرى، ثم بعد ستة أسابيع، وبعد ذلك إن وجدت كل شيء طبيعيا يمكن أن تستمر عليه بهذه الجرعة لمدة عام مثلا، وبعد ذلك يمكن أن تتوقف عنه.
لكن احرص تماما على المناهج السلوكية البسيطة التي ذكرتها لك، وهي جزء من حياتنا، وليس أمرا نبحث عنه هنا وهنا وسط الكتب، الواقع في حد ذاته في المجتمعات العربية والإسلامية يشجع كثيرا على التغيير السلوكي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.