السؤال
السلام عليكم
أعاني من الحنين الشديد إلى الماضي، مع أني -والحمد لله- محبوب لدي أصدقاء كثير، لكني ما ألبث إن انتهيت من الضحك معهم والمزاح حتى أعود إلى المنزل وأتذكر الماضي بشكل شبه يومي، وأبكي كثيرا، ولا أستطيع الدراسة أو فعل أي شيء.
كما أني أخاف من فكرة الكبر بشكل كبير جدا، وتقلقني جدا فكرة أن أكون ثلاثينيا أو أربعينيا، ولا أجد في نفسي روح الشباب، وأيضا كيف أتوقف عن التدخين؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا وأخانا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك التواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يشغلنا وإياك بما يرضيه، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد.
هنيئا لك بحب من حولك من الإخوان والأصدقاء، ونسأل الله أن يحببك إلى خلقه، وأن يحبب إليك الصالحين منهم، ونذكرك بأن أي أخوة لا تقوم على الإيمان والعمل الصالح والنصح والتواصي بالحق وبالصبر عليه يوشك أن تنقلب إلى عداوة.
قال العظيم في كتابه (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، فاستمر في محبة الجميع وقرب إليك من يذكرك بالله إذا نسيت ومن يعينك على طاعة الله إن ذكرت، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه).
لا يخفى على أمثالك أن أيام العمر تمضي بنا جميعا، والعاقل يأخذ من صحته لمرضه، ومن فراغه لشغله ومن حياته لموته، وقد قالت حفصة بنت سيرين يا معشر الشباب: عليكم بالعمل فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب.
أنت -ولله الحمد- لا تزال في فترة العطاء، والشباب شباب القلب، فاجعل حنينك إلى الماضي دافعا للعمل، ولا تستسلم للأحزان فإن ذلك لا يفيد، واسأل الله أن يسعدك في حياتك كلها.
أما بالنسبة للدخان ففي تركك له طاعة لربك وحفظ لصحتك وشبابك، وأبقى لقوتك وأحفظ لمالك، وقد قال ربنا العظيم: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وقال سبحانه: (ولا تقتلوا أنفسكم) وشرب الدخان سبب للإتلاف، وعدوان على نفسك وعلى من حولك من الأحباب.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، والمواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، فبذكره تنال الطمأنينة، قال سبحانه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله)، وبشكره ننال المزيد، قال سبحانه: (لئن شكرتم لأزيدنكم).
نوصيك أن تتفاءل بالخير، ونؤكد لك أن ربنا الكريم يفرح بتوبة من يتوب إليه، وهذا دليل على رفقه بنا ورحمته، بل إنه ما سمى نفسه التواب إلا ليتوب علينا ولا سمى نفسه الرحيم إلا ليرحمنا، فعجل بالدخول في رحمة الرحيم.
نسأل الله أن يجعلنا جميعا ممن طال عمره وحسن عمله، وأن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا، وقواتنا أبدا، وأن يجعلنا ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.