بعد وفاة أبي بسكتة قلبية صرت أعاني من الخوف

0 92

السؤال

السلام عليكم أيها الكرام، وشكرا على كل ما تبذلونه من جهد.

أما بعد: فأنا شاب أعزب أبلغ من العمر 26 سنة، ووزني ما يقارب 65كغ.

منذ أكثر من ستة أشهر وأنا على نفس الحالة، حالة لا يمكن إلا أن أصفها بالمتعبة والمقلقة، حيث منذ وفاة والدي على إثر سكتة قلبية حادة، وأنا أعاني من نفس الأعراض التي باتت تزورني يوميا ولفترات متواصلة ومتفاوتة.

أصبحت تنتابني آلام لطالما قرأت عنها بعد موت أبي، أشدها آلام الصدر على شكل ضغط أو وخز آلام في يدي تنميل آلام في وجهي ورأسي.

حالات أخرى شبيهة بالهلع كالخوف من الموت المحتوم وتسارع دقات القلب.

منذ ستة أشهر وأنا أعاني وحياتي أصبحت مرتطبة بهذه الآلام، وأصبحت كثير التفكير في الأمر، وكل شيء أصبح بلا طعم.

مع العلم أني موسيقي، وكنت أوفر لهواياتي وقتا طويلا، وأصبحت في عزلة ولا أستطيع البقاء وحدي في البيت خوفا من أن تأتيني نوبة ولا أجد إسعافا.

مظهري أصبح مقرفا، ولا يهمني إن كانت ملابسي متسخة، علما أني زرت طبيبا عاما عدة مرات وقمت بتحاليل دم شاملة كانت سليمة، وتخطيطات لا تحصى للقلب وكانت سليمة.

في موقف طريف أصبحت بارعا في قراءة التحاليل والتخطيطات بنفسي لأني لم أكن أثق في الأطباء، وأصبحت أخجل من أسرتي لكثرة زيارتي للطبيب.

أخيرا أصبحت أحس بشيء جديد إحساس وكأن الدم يرتجع في قلبي مما يجعلني أقفز في الوقت إن انتابتني هذه الحالة.

إخواني الكرام أفيدوني، لا أستطيع التحمل أكثر، فأنا أموت يوميا أكثر من مرة، شارد الذهن حزين وكئيب وشديد الغضب، أحب أن أعود كما كنت وشكرا، واعذروني على الإطالة، إن كان بوسعي لألفت كتابا عن حالتي أو أخرجت فلما قصيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

من أعراض الحزن الشديد على افتقاد شخص عزيز أحيانا تتمثل أو تحصل لك نفس أعراض المرض الذي توفي منه، وهذا ما يحصل معك أخي الكريم.

إحساسك بأعراض القلب الذي توفي منه والدك هو جزء من عملية الحزن الشديد على الوالد، وهذا واضح - أخي الكريم - لأنك عندك أعراض اكتئاب أخرى، وأعراض قلق وتوتر، وطبعا هذه كلها أعراض نفسية، ولذلك الفحوصات كلها تكون سليمة، أو طبيعية.

هذا النوع من الحزن الذي امتد لفترة من الوقت يحتاج إلى تدخل طبي، وغالبا يحتاج إلى علاج نفسي، هناك علاجات نفسية محددة للحزن الشديد الذي يستمر لفترة من الوقت، وتكون معه أعراض بدنية أو نفسية، وهذا ما يحصل معك، وهناك علاج نفسي محدد بجلسات محددة، يساعدك المعالج النفسي في أن تتخلص من هذا الحزن، وإذا حصل ذلك فسوف تختفي الأعراض التي تشكو منها بإذن الله، وقد تعطى (أحيانا) أدوية لفترة محدودة مضادة للاكتئاب، ولكن أهم شيء هو العلاج النفسي الذي يستعمل في علاج الحزن - كما ذكرت لك - عند فقد شخص عزيز لدينا.

وفقك الله وسدد خطاك.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. عبد العزيز أحمد عمر (استشاري الطب النفسي وطب الإدمان)، وتليها إجابة د. عقيل المقطري (مستشار العلاقات الأسرية والتربوية).
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

رحم الله والدك، ونسأل الله تعالى له المغفرة، وأن يسكنه فسيح جناته، فالموت حق وكل الناس سيردون ذلك الطريق، ولا يستثنى منه أحد، والأسباب تتعدد بحسب ما قضاه الله وقدره.

لماذا هذا الخوف والهلع من أمر محتوم؟ ولماذا أنت وحدك تفكر بهذا الأمر دون من حولك؟ مع أن مصير الجميع إلى هذا السبيل، فهل سألت نفسك هذا السؤال؟!

هذه الحياة دار ابتلاء وامتحان وهي دار استعداد للقاء الله سبحانه بالأعمال الصالحة ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءة ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.

ينبغي أن يكون قلبك راضيا بقضاء الله وقدره، وعليك أن تكثر من ذكر (حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).

تفكيرك بسبب موت والدك جعل عندك أعراضا وهمية، ليس لها وجود على الواقع، بدليل أن جميع التحاليل الطبية تؤكد سلامتك من أي مرض.

من كثرة ما تتوهم أن ثمة أعراض مرضية صار عندك ما يشبه الوسواس القهري، ولذلك قد يتطور ذلك ما لم تتناس ذلك الموضوع وتتغافل عنه وتتجاهل تلك الأحاسيس غير الواقعية.

أحذرك من الرسائل السلبية التي ترسلها إلى عقلك من أنك مصاب بمرض؛ لأن تلك الرسائل لها آثار مدمرة، فالعقل يستقبلها ومن ثم يتعاطى معها ويرسل أوامره إلى بقية الأعضاء للتفاعل معها، ومن هنا تشعر بالوخز أو الاضطراب أو الألم أو استرجاع الدم في القلب كما وصفت، والحقيقة أن شيئا من ذلك غير موجود.

الموسيقى لن تجلب لقلبك الراحة ولا السعادة كونها معصية في حد ذاتها، يقول عليه الصلاة والسلام: (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) فدل قوله يستحلون على تحريم هذه الأشياء.

أوصيك أن تكثر من تلاوة القرآن الكريم وأن تحافظ على أذكار اليوم والليلة فذلك من أعظم الأسباب لجلب الطمأنينة إلى القلوب كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

أكثر من الاستعاذة بالله من الشطان الرجيم فإن ما تعاني منه بعضه وساوس والشيطان له مداخل متعددة لقلب ابن آدم وهدفه هو أن يفسد حياته بأي طريقة.

أكثر من دعاء: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل).
أكثر من الاستغفار ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب ففي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

أوصيك أن تخالط الناس وألا تترك وقتا للفراغ أو التفكير فيما تعاني منه واحذر من العيش وحيدا؛ لأن الوحدة تجلب تلك الأفكار السلبية.

املأ جميع أوقاتك بالأعمال النافعة ومارس الرياضة بشكل منتظم وأكثر من السجود بين يدي الله تعالى والتضرع له بالدعاء فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجد إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات