السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أول مشاركة لي على موقعكم المبارك وأشكر مجهودكم الرائع.
قريبا سأتم عامي 21، إلا أنني دائما أحس بأن عمري كبير، لدرجة أنني اعتزلت مجالسة ومصادقة كل من هم في سني أو أكبر بقليل، فكثيرا ما أحس بصغر عقل نظيري، أو بالأحرى أجنح إلى مصاحبة الكبار جدا لإحساسي بأنني أبدو بين أقراني كغريب أطوار أعزو اهتماماتي إلى مباينة حال نظرائي، أو أنهم يستهجنون حالي.
أحيانا أتلمس أفكاري فأجدني وحيدا لا رفيق ولا صديق يتفهمني ويجاريني في منطلقات أفكاري، ولم أدر هل هذا نقص في أم ماذا؟ لأن هذا سبب لي حالة من الانطوائية والعزلة الشديدة، وعقلي لا يمل عن التفكير واستحداث الأفكار فلا أجد صاحبا لي غير كتابي.
لقد استودعت نفسي في عزلة مذ عرفت أني أتعقل الأشياء، وأحيانا تضيق نفسي ذرعا من حالي هذه فلربما كان بي خطب أودعني خلوة طال عويصها، وشيئا فشيئا مللت مجالسة الناس فلم أدر ما أفعل مستقبلا؟!
شخصيتي من النوع شديد الحساسية التي ربما أثرت في بعض الكلمات فظللت ردحا من الزمن أعيد التفكير فيها كرة بعد كرة حتى السأم ثم أعاود العزلة حتى أخرج من نفسيتي هذه فما العلاج؟
لقد ظللت فترة ليست بالقصيرة أعتقد أن بي جنونا، كما أنني استهجن الحضور في كل المناسبات؛ لأن عندي حالة من الرهاب الاجتماعي شديد الوطأة، فإذا مررت بقوم وهم جلوس لم أدر كيف يقفز إلى ذهني أن أحدهم قد يتقول علي بعض الأقاويل ويعزوني إلى ضرب من الجنون فأتضجر؟!
سؤالي هو: ما علاج الانطوائية والحساسية الشديدة؟ وكيف أعرف أنني لست بمجنون؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ربما كان سبب العزلة عن الأقران الذين يساوونك أو يقربون منك في العمر بسبب اختلاف المستوى العلمي والعقلي والمعرفي، أو الأمور محل الاهتمام بينكم, فإن كنت على حال أحسن في مستواك، أو مجال اهتماماتك فالمنبغي أن تحمد الله وتترفق بالأقران وتحرص على رفع مستواهم بهدوء وصبر وحلم وحكمة, حيث والواقع يشهد بأن كثيرا من شباب زماننا لم يعودوا يهتمون بتطوير قدراتهم ومهاراتهم العلمية والمعرفية والأخلاقية, كما أن في مجالسة من يكبرونك في المستوى والسن أمر إيجابي في تطوير شخصيتك وتحسين نفسيتك.
أما إن كان الأمر يعود إلى ما ذكرت من فرط حساسيتك وميلك إلى الهموم والأحزان، وبالتالي العزلة والانطواء فإن الواجب عليك التالي:
- تقوية الإيمان وحسن الصلة بالله تعالى وحسن الظن به سبحانه، وتعزيز الثقة بالنفس بطلب العلم النافع، ومتابعة البرامج والقراءة المفيدة، ولزوم ذكره تعالى وطاعته وقراءة القرآن والسيرة النبوية.
- الحذر من آفة العزلة لتعميقه الضغوط النفسية وقد يؤدي إلى ما هو أسوأ من حالتك، وضرورة الاختلاط.
- حسن إدارة الوقت والنفس، والانفعال بتغيير النظرة التشاؤمية في التعميم عن الناس والحياة، وإدراك أن الحياة طبعت على الابتلاء، وفضل الصبر على البلاء والشكر للنعماء والرضا بالقضاء.
- لزوم الصحبة الصالحة المتحلية بحسن الدين والخلق والوعي والجدية، والتي تشعرك بالمحبة والاحترام والاطمئنان.
- تنمية القدرات والمواهب والثقافة والمهارات العلمية والعملية.
- العناية بالغذاء الصحي والرياضة.
- المبادرة إلى الزواج بالفتاة التي تلائمك في شعورك بالراحة والاستقرار معها.
- التخفيف من تعاطي وسائل التواصل الاجتماعي، ومتابعة وسائل الإعلام لما ثبت من كونها من أسباب القلق والاكتئاب والعزلة.
- إعطاء النفس حقها من النوم والراحة والاسترخاء والنزهة.
من المفيد – عند اللزوم – مراجعة طبيب نفسي, وقد صح في الحديث: (تداووا عباد الله, فإن الله ما أنزل داء إلا جعل له دواء), ولا تخفى كثرة الضغوط النفسية بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها على الناس لاسيما المتحلين بالحساسية المفرطة والانفعال, مما يلزم معه التخفيف من ضغوط العمل والتحلي بالصبر والحلم والهدوء والحكمة.
اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه بالدعاء (أمن يجيب المضطر إذا دعاه).
هذا وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، وييسر أمرك، ويسلمك من كل سوء ومكروه، ويرزقك العفو والعفة والعافية وسعادة الدنيا والآخرة.