فقدت الطموح والرغبة في الإنجاز فكيف أستعيد حيوتي؟

0 87

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما، تخرجت من كلية العلوم، وكنت أول دفعتي، كنت طموحة ومحبة للعلم، واصلت دراستي، وعملت الماجستير بمنحة من الجامعة وفي نفس الوقت عملت أستاذة في الجامعة، كنت دائما أحلم بأن أكمل دراستي في الخارج؛ لأن الدولة لا توفر لي التعليم الكافي، ولدي أحلام وأهداف كثيرة مستقبلية لحياة كريمة، لكن مع مرور الوقت قلت عزيمتي وطموحي، وبدأت أفقد الثقة في نفسي، وتغير سلوكي، وأصبحت عصبية من أقل شيء أثور، عابسة الوجه، أشكو من البيئة المحيطة بي، غير قادرة على أداء أعمالي.

كنت أملك القدرة على المخاطبة والتأثير في من حولي، فقدت هذه القدرة، كنت طلقة اللسان باللغة العربية والإنجليزية، أصابني رهاب المجتمع، لا أستطيع أن أنطق أو أكتب كلمة ما لم أتأكد من صحتها قبل التفوه بها أو كتابتها، وهذا يزعجني جدا، يحسسني بالعجز، يراودني سؤال دائما ماذا حل بي؟ هل هي عين؟ أو سحر أصابني أم هي مرض نفسي أو مجرد وسواس؟

مررت في حياتي بمواقف كثيرة، فقد توفي والدي الذي كان مقربا لي في مرحلتي الجامعية، لكن هذا لم يمنعني من الاستمرار في تحقيق أهدافي؛ لأنه كان دائما يشجعني عليها، ثم دخلت في علاقة عاطفية مع شخص وأحببته كثيرا، عوضني فقدان والدي، لكنه قرر الانفصال، وهذا القرار كسرني جدا وزاد من فقداني للثقة في نفسي أكثر، ومن بعدها أصبحت لا رغبة لي في الحياة.

لكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول: قد تعتري الإنسان فترة فتور وهذا أمر طبيعي في حياة الإنسان فلا يكون على وتيرة واحدة في حياته بل هو متقلب بين النشاط والجد والعمل وبين الكسل والفتور والتقصير وقد أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى استغلال أوقات النشاط وإقبال النفس على العمل بجد ونشاط ونبقي العمل مستمرا ولو بأدنى مستوى في حال الفتور والكسل يقول صلى الله عليه وسلم: (إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك).

تمعني معي بقوله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات).

احذري من الرسائل السلبية التي تعطيها لعقلك فلها آثار سلبية كبيرة لأن العقل يستقبل تلك الرسائل ثم يصدر أوامره لبقية الأعضاء للعمل بموجبها فتظهر آثارها على الحياة.
عليك أن تعطي نفسك الرسائل الإيجابية وأنك قادرة بعون من الله على اجتياز هذه المرحلة ولعلها سحابة صيف عما قريب تقشع.

للحسد والعين تأثير في هذا الجاني ونحن نؤمن بذلك والواقع يشهد بتعرض كثير من الناس للعين والحسد وبعد الرقية الشرعية يبرئون فأنصحك أن ترقي نفسك صباحا ومساء بما تيسر من القرآن الكريم والأدعية المأثورة وإن كنت تشكين بشخص ما فإن الدواء الناجع في مثل هذه الحال أن تطلبي منه أن يغتسل أو يتوضأ وتغتسلين بالماء الذي اغتسل أو توضأ به.

وفي مسند الإمام أحمد عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار ( اسم موضع ) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل : يا رسول الله ، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه ، قال : هل تتهمون فيه من أحد ؟ ، قالوا : نظر إليه عامر بن ربيعة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه ، وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ، هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت ، ثم قال له : اغتسل له ، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .

ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين ، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " ، وأخرج مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا) وفي حديث أسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله ، إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفنسترقي لهم ؟ ، قال : (نعم ، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) وقال نبينا عليه الصلاة والسلام كما رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه: (العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر).

لا بأس أن تبحثي عن راق أمين وثقة ليشخص حالتك، مع وجود أحد محارمك، فإن تبين إصابتك بالحسد فاستمري بالرقية حتى تشفي بإذن الله تعالى.

أحيانا قد يكون السبب كثرة العمل والضغوطات النفسية، فتؤدي إلى النفور والتضجر من العمل، وتحبط الطموح، وتغير السلوكيات، وفي هذه الحال لا بد أن تأخذي إجازة من أجل أخذ قسط من الراحة.

لا تجعلي الأحداث تصدمك وتوقفك عن تحقيق طموحاتك، وتسلحي بالتوكل على الله، والرضا بأقداره، فالحياة تسير رغم ما نعانيه من الحزن والضيق، والسعيد من تسلح بالرضا بقضاء الله وقدره، ومن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.

عليك أن تقرئي في سير العظماء، والذين كانت لهم بصمات في هذه الحياة، وكيف تغلبوا على الصعاب التي اعترتهم في حياتهم، فذلك مما يشحذ الهمم، واستنهضي قواك وما أودع الله من الصفات، فإن قوة العزم بعد التوكل على الله خير معين على تحقيق ما يصبو له الإنسان.

انظري إلى المستقبل البعيد، وفكري في إنجاز أهدافك، وما سيجني ذلك لك من الراحة والسعادة، وقارني بين وضع من يحمل البكالوريوس ومن وصل إلى درجة الأستاذية، فتلك المقارنة سيكون لها دور في إعادة دورة الحياة إلى ما كنت عليه من النشاط بإذن الله.

انصراف ذلك الشاب عنك قد يكون فيه خير لك، ورزقك سيأتيك فلا تيأسي أبدا، وعجبا لأمر المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك إلا للمؤمن.

أوصيك أن توثقي صلتك بالله تعالى وأن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة فالحياة الطيبة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

لتفريج ما تعانينه من الهموم الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافظي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات