حالتي النفسية متعبة، وأخشى الاكتئاب والولادة.. ما النصيحة؟

0 71

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا في العشرينات من عمري، متزوجة منذ عامين تقريبا، علاقتي بزوجي حسنة -والحمد لله-، واجهتني الكثير من المشاكل مع أم زوجي، فكثيرا ما كنت أبكي؛ لأني لم أسئ إليها قط، لكنها تواصل في جرحي والتكلم عن عائلتي، وتهينني بكلام غير مباشر، تراني غير صالحة لابنها، وأفهم جيدا أن زوجي هو ابنها الأكبر الذي تظهر له حبها بكل شفافية أمامي، وأحترم جدا هذا الأمر.

بعد ولادتي الأولى بشهرين تقريبا بدأت أشعر بأشياء غريبة تنتابني كالدوران وفقدان الشعور بذاتي، إضافة إلى الخوف والقلق وفقدان الاتزان، وصرت لا أطيق أبدا البقاء في المنزل، وبكل صراحة صار عند تخوف من مقابلتها، فقللت من زيارتها، وبعد أن أهانتني أمام الناس يوم ختان ابني صرت أتجنب رؤيتها للضرر النفسي الكبير الذي ألحقته بي، وكان زوجي يحاول التحدث معها لكن حسبما يقوله لي فإن كلامه معها لا يغير شيئا، وأنها ستستمر في أفعالها تلك معي.

الآن ونحن خارج البلاد لظرف عمل طرأ لزوجي، أشعر بشيء من الراحة؛ لأني بعيدة عنها، لكن حالات الخوف والقلق والدوار، وأحيانا نوبات فقدان الشعور بالذات التي تراودني لا أعرف كيفية التخلص منها؟ حتى أني صرت لا أعرف كيف أصلي صلاتي واقفة خوفا من السقوط؟

إضافة إلى الجو الغائم في هذا البلد الذي يشعرني بشيء من الخوف، زرت طبيبة نفسية هنا لكن صعب علي فهمها؛ لأنها لا تتحدث لا العربية ولا الإنجليزية إلا أنها أخبرتني بأن عندي توترا؛ جراء تلك الأحداث، ونصحتني بما اسمته لي في علم النفس باللجوء إلى المكان الآمن (safe place) ولم أقتنع به.

فقدت الاستمتاع بالهدوء مع طفلي وزوجي، فقدت ابتسامتي، وروحي المرحة، الله المستعان.

أذكر أني مررت بمرحلة مشابهة من التوتر، عندما فقدت جدتي رحمها الله، وفي نفس الوقت واجهتني مشاكل مع زميلاتي السابقات، وشفيت مع مرور الوقت -والحمد لله-.

الآن أنا حامل، وخائفة كثيرا من الولادة، خائفة من الاكتئاب، وأخشى أن يتطور بي الأمر، أرجو منكم الإفادة، أو ربما تفسير حالتي النفسية، وأعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- احمدي الله تعالى أولا على نعمة طيبة زوجك، وتفهمه لك، وتعاونه معك، وحسن علاقتك به، وعدم تأثره السلبي بتصرفات والدته -والحمد لله-.

- يجب أن تتفهمي ما يصيب بعض أمهات الأزواج من غيرة على أولادهن، وحب التسلط عليهم وعلى زوجاتهم والأسرة نتيجة استحضارهن متاعب الولادة والتربية وتوهم خطف زوجاتهم لهم, الأمر الذي يستلزم منك عذرها وعدم إظهار انزعاجك منها، أو إساءة الأدب معها، بل ضرورة حسن التعامل معها، وإظهار تقديرها ومحبتها، وإنزالها منزلة والدتك، والسؤال عنها وزيارتها ومجالستها بلطف وحسن الإصغاء لها، ومحاولة كسب ودها والتحبب لها والتودد إليها.

- لزوم الهدوء والصبر والحلم والحكمة والصمت لتجنب الصدام معها، وعدم إظهار الاهتمام الزائد بزوجك وأهلك منعا من إشعال غيرتها.

- أهمية الاحتفاظ بوقارك وشخصيتك منعا من زيادة تجرؤها عليك، وعدم شغل نفسك بالتدقيق على تصرفاتها، مع ضرورة التفاهم مع زوجك باتخاذ المواقف المناسبة بعيدا عن مواجهتها بما يثير عداوتها.

- احمدي الله أيضا على أن وفقك للبعد وزوجك عن عمتك، كون القرب يسهم في زيادة سوء تعامل حماتك معك للأسف غفر الله لها.

- اشغلي نفسك بما يعود عليك بالمنفعة في دينك ودنياك من لزوم الذكر، وقراءة القرآن، وتنمية قدراتك ومهاراتك العلمية والعملية.

- يمكنك اقتناص الفرصة المناسبة إن أمكن في الحوار معها بهدوء، أو الاستعانة بمن تأنسين منه التأثير عليها والقبول لديها في عدم اعتراض موضوع سفرك إلى أهلك وزيارتهم.

- ثقي بقدرتك على الصبر، وتجاوزي الأمر بهدوء لا سيما مع عامل الزمن بإذن الله تعالى.

- شعورك بالتوتر رغم البعد عن حماتك لعله نوع رهاب وعقدة نفسية ينبغي مواجهة هذه العقدة بحزم بعدم الالتفات إليها، أو تركها تؤثر أو تسيطر على نفسيتك وحياتك لا سيما مع تجاوزك للعقدة ببعدك عن مصدرها غفر الله لها وعفا عنها.

- من الجميل عرض نفسك على طبيبة اختصاصية لمعالجتك دوائيا وسلوكيا لا سيما مع كونك حاملا.

- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء أن يلين قلب أم زوجك لك، ويخفف عنها الغيرة ويرزقك الصبر والحكمة والتوفيق والأجر.

والله الموفق والمستعان.

+++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. عمار ناشر استشاري العلاقات الأسرية والتربوية،
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
+++++++++++++++++++++

أفادك الشيخ عمار ناشر بنصائح وإرشادات ممتازة، أرجو أن تأخذي بها، وأنا من جانبي أقول لك: لا أرى أن لديك مشكلة نفسية حقيقية، ربما يكون التكوين النفسي لشخصيتك يميل أصلا إلى الحساسية المفرطة، وشيء من القلق الداخلي، وهذا يجعلك تتأثرين لمواقف معينة مما يؤدي إلى حالة تسمى بعدم القدرة على التكيف والتي تظهر في شكل قلق ومخاوف مستقبلية وشيء من الوسوسة، وربما أعراض جسدية كالشعور بالتغرب عن الذات والدوار في بعض الأحيان، أعتقد أن هذا ينطبق عليك.

أنا أقول لك دائما حاولي أن ترجحي الجوانب الإيجابية في الحياة، تخلصي من السلبيات من خلال تجاهلها، أنت -الحمد لله- بخير، الله حباك بالزوج الطيب وبالذرية، وبالنسبة لوالدة الزوج كما أشار الشيخ عمار جزاه الله خيرا هذه مشكلة تطال الكثير من الأسر، الأم تشعر أن الزوجة قد اختطفت ابنها، والزوجة تحس أنها يجب أن تمتلك زوجها، هذه أمور تكون على مستوى العقل الباطني مما يؤدي إلى هذه النوع من التنافسية، لكن -إن شاء الله تعالى- أنت تأخذين الأمور بعقلانية، وكما ذكر الشيخ عمار حاولي أن تجدي العذر لوالدة زوجك، واسعي دائما لإرضائها من خلال إرضائه، أنا أعتقد أنها بمرور الزمن سوف تتغير وتكون أكثر إيجابية.

أيتها الفاضلة الكريمة: ممارسة التمارين الاسترخائية، والرياضة، والتعبير عن الذات، والحرص على الصلاة في وقتها، والأذكار والورد القرآني وأذكار النوم، نحن ننصح بها؛ لأنها بالفعل تبعث الكثير من الطمأنينة والأمان في نفس الإنسان، وتساعد الإنسان على التكيف، احرصي على ممارسة رياضة المشي، فيها فائدة كبيرة لك، احرصي على تنظيم وقتك بصورة إيجابية، ولا تقلقي حول المستقبل.

الآن أنت في مرحلة الحمل فانظري للأمور بإيجابية أكثر، ولا تشغلي نفسك أبدا بالسلبيات، الولادة -إن شاء الله تعالى- تتم على خير، ولا تتحسسي حول ما بعد الولادة، إن ظهرت عليك أي أعراض قلق أو توتر، أو شيء من عدم الارتياح النفسي، أو عسر المزاج ليس هنالك ما يمنع أن تتناولي أحد الأدوية المحسنة للمزاج، وهي كثيرة جدا، دعينا لا نسبق الأحداث ونكون متفائلين، وأن نحسن الظن بالله، وأن تكون توقعاتنا دائما إيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات