أحس أنني لا أخاف من الله إلى حد الهلع .. هل أنا على خطأ؟

0 110

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي مشكلة أو لا أدري إن كانت مشكلة أم لا! وهي أنني أحس أنني لا أخاف من الله إلى حد الهلع.

أنا أصلي وأصوم، ولا أرتكب المعاصي، وأحاول جاهدا ألا أرتكبها، وهناك أشياء كثيرة عزيزة علي كثيرا تركتها؛ لأني عرفت أنها حرام، ولم يكن هذا سهلا وتركتها طبعا؛ لأني أخاف من الله، وأنا مدرك تماما ما يمكن أن يفعله بي إذا لم أطعه، ومدرك تماما أنه يمكن أن يفعل بي أشياء لا يمكن أصلا أن أتصورها، إذا فإنني أخافه وأطيعه وأقوم بواجباتي الدينية، لكني أحس براحة عندما أقوم بواجباتي الدينية على أكمل وجه، وأحاول جاهدا أن أرضيه، وكلي ثقة أنه لن يضرني ما دمت أطيعه، فهل هذا هو الخوف الكافي؟ أنا لا أخاف من الله إلى حد الهلع؛ لأن ثقتي به كبيرة جدا، وأنا كما قلت مدرك لقدرته جل وعلا، لكني على ثقة به أنني لا أفعل الخطأ إذن خوفي منه يكون إذا أخطأت، وأيضا إذا لم أخطأ، لكن في هذه الحالة الخوف لا يكون هلعا؛ لأنني على ثقة به، وعلى يقين أنني أحاول أن أرضيه دائما، فهل هذا هو الخوف الكافي؟

أسأل سؤالي؛ لأنني شاهدت مقطعا لقراءة خاشعة في مسجد، وكان الناس يبكون، وكانت عليهم أمارات الخوف، ويدعون أن يدخلهم الله الجنة ويبكون، فعلا القراءة كانت جميلة جدا وخاشعة، ولكن بالنسبة لي ليست إلى حد البكاء، فأنا بطبعي لا أبكي إلا نادرا جدا جدا إذ أنني أحس أشياء يمكن تكون أكثر قسوة من الذي يخرجها بالبكاء، فهذا طبعي، ومع هذا فإن خوفي من الله ليس لحد الهلع مثل هؤلاء الناس في الفيديو، وكما قلت لثقتي به أنني أحاول جاهدا أن أرضيه، وأنه سيكافئني على هذا، فهل هذا خطأ؟ أم علي أن أخاف بطريقة هؤلاء؟ أم أن هذا بين العبد وربه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد: وبعد:
- أهنئك على التزامك بدينك، وحرصك كما يدل عليه سؤالك على طلب الكمال لنفسك في دينك من حيث تحصيل الخوف والخشية من الله تعالى، فبارك الله فيك، وجزاك خيرا، وزادك من فضله وتوفيقه.

- اعلم أن البكاء فعل غريزي وفطرة بشرية (وأنه هو أضحك وأبكى)، وهو من وسائل التعبير عن الانفعال النفسي والعصبي.

والبكاء من خشية الله تعالى حين الصلاة وقراءة القرآن من صفات أهل الإيمان والصلاح والخشوع كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رؤي عيناه تذرفان، وكان يصلي وله أزيز كأزيز المرجل، أي القدر المغلي من البكاء, فلم يكن بكاؤه بشهيق ورفع صوت, بل محبة وخوفا وخشية وإجلالا واشتياقا كما ذكر أهل العلم.

- فالبكاء من خشية الله وسيلة لفعل الطاعة والخير، وترك المعصية والشر، وليس مقصدا لذاته أو غاية, وما دمت – حفظك الله – محافظا على الطاعات والواجبات تاركا للمعاصي وللمحرمات، فلا ينبغي لك أن تقلق على نفسك أو تتهمها بضعف الدين، أو قلة الخوف والخشية, حيث إن البكاء من حيث أصله فضلا عن ظهوره بصورة أكثر حدة يخضع لعوامل التربية والجينات والصفات الوراثية والحالة النفسية التي تغلب على الإنسان, وبحسب قوة الوارد والمستقبل, ولا يلزم أن يكون دليلا على قوة الإيمان وضعفه.

- نعم, فإنه لا بأس، ولا مانع أن يعمد المسلم إلى التباكي إذا لم يمكنه البكاء, وذاك باستحضار عظمة الله تعالى، والضرورة إليه سبحانه، والافتقار إليه، وضعف النفس وعجزها واستحضار الدار الآخرة, وجمال القرآن، وحقارة الدنيا.

- لذا أنصحك بالإكثار من الذكر والدعاء، وقراءة القرآن، والسيرة النبوية والتفسير، ولزوم الصحبة الطيبة المخبتة الخاشعة، والتأمل في جمال وإعجاز الكون.

هذا وأسأل الله أن ييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويعمق إيمانك، وينير قلبك، ويطهر نفسك، ويعيننا وإياك على ما يحبه ويرضاه والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات