السؤال
السلام عليكم.
أنا بنت، أعاني من الوسواس بشدة، عندي وسوسة في كل شيء، ولكن آخر فترة تعبت كثيرا في التفكير في المني والمذي والودي والغسل والجنابة، فصرت أغتسل كل يوم تقريبا شكا في نزول المني، فأي شيء ينزل مني أوسوس بأنه مني، بالرغم من أنني قرأت صفات المني والمذي والودي كثيرا، لكن لم أستطع التفريق.
وعندما أريد أن أتخير بينهما لن ترتاح نفسي أبدا؛ لأني إذا اعتبرته مذيا فهناك صوت في نفسي يقول أني على جنابة، وإذا اعتبرته منيا فالاغتسال يكون صعبا ومحرجا علي، خصوصا هذه الفترة، فلدي امتحانات وليس لدي وقت كثير، وخصوصا أني أخاف من الجنابة كثيرا؛ لأنني أتذكر أن أمي قالت لي مرة: إذا لم تغتسلي كل شيء يلعنني! علما بأني لم أخبر أحدا على موضوع الوسوسة.
والأمر الثاني: هذه الفترة عندي وسوسة بأني على الشهوة، يعني أحس أن عندي شهوة دائما فينزل مني قطرة صغيرة لونها أصفر، وأوقات يكون فيها رائحة، وأوقات لا يكون فيها رائحة، فلا أعرف هل أغتسل أو لا، علما بأني أغلب الأوقات أفتش لأرى إن نزل مني شيء، فعندي شك إذا كنت مصابة بالسلس أو لا، ولأني صغيرة في العمر لا أعرف ما هي الشهوة بالضبط! فكل هذه الأمور تتعبني، وصدري ضيق طوال الوقت، وأتمنى أن تجيبوني!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتي الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
من أجل أن تفرقي بين المني والمذي والودي أقول باختصار المني لا يخرج إلا بالمعاشرة الجنسية أو بالاحتلام بالمعاشرة أثناء النوم ويخرج بلذة ويعقبه فتور، والمني عند المرأة ماء رقيق، ويخرج بكمية لا بأس بها، وتتفاوت من امرأة إلى أخرى، لونه أصفر، ورائحته أقرب إلى رائحة الحلبة، فإذا نزل هذا الماء وجب الغسل من الجنابة، مع التذكير أن غسل الجنابة يجب في حالة ما إذا كانت المرأة متزوجة بمجرد إدخال الزوج رأس ذكره في فرج زوجته حتى ولو لم يخرج المني.
المذي يخرج نتيجة هيجان الشهوة، أو التفكر بها، أو مداعبة الرجل لزوجته، وهو ماء رقيق شفاف لا لون له، وهذا الماء نجس ويلزم منه غسل الفرج والموضع الذي وقع فيه في الثوب، ولا يلزم الاغتسال.
الودي ماء ثخين يميل للصفرة، يخرج بعد البول نتيجة لاحتباس البول، أو حمل شيء ثقيل، وهو ماء نجس يجب غسل الفرج والموضع الذي وقع فيه في الثوب، ولا يجب الغسل.
بحسب استشارتك يبدو لي أن ما ينزل منك هو إفرازات طبيعية تنزل من أغلب النساء، وليس ذلك منيا ولا مذيا، وهذه الإفرازات يرى بعض أهل العلم أنها طاهرة مثلها مثل المخاط تماما، خاصة تلك التي تميل إلى الصفرة، أو تكون بيضاء، ولا تنقض الوضوء، ومن أهل العلم من يرى أنها تنقض الوضوء إذا نزلت والمرأة متوضئة، فإن كانت تنزل بكثرة فالقول بأنها طاهرة هو الأوجه؛ لأن المشقة تجلب التيسير.
ليس عليك غسل إلا إذا احتلمت، وحين قمت من النوم وجدت الماء الرقيق الذي رائحته تشبه رائحة الحلبة فإن لم تجدي الماء فلا غسل عليك، وإن وجدت الماء وبنفس المواصفات ولم تتذكري أي احتلام فيجب عليك الغسل.
الغسل من الجنابة واجب، ولكن يجوز تأخيره كأن تحصل الجنابة بعد صلاة الفجر، فيؤخر الغسل إلى قبيل الظهر أو تحصل الجنابة بعد العشاء فيؤخر الغسل إلى الفجر، وليس صحيحا أن المرأة إن لم تغتسل فورا يلعنها كل شيء.
ما تشعرين به من وساوس في نفسك من أنك على جنابة هو من وسوسة الشيطان الرجيم، والتي يجب عليك ألا تلتفتي لها وألا تصغي أو تسترسلي أو تتحاوري معها، بل عليك أن تحتقريها وتقطعيها فور ورودها، وتستعيذي بالله من الشيطان الرجيم.
اجعلي لسانك رطبا بذكر الله، واجعلي لنفسك وردا من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة فإن الشيطان الرجيم جاثم على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن غفل وسوس.
الشيطان الرجيم عدو للإنسان يريد أن يفسد حياته ودينه من خلال وساوسه وخواطره وهو ضعيف وماكر؛ ولذلك يلجأ إلى الوسوسة ولا يقوى على المواجهة فعليك أن تكوني قوية وتعزمي على أن تنتصري عليه من خلال احتقار تلك الوساوس ومخالفتها وعدم الإصغاء إليها.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد، ونسأل الله لك التوفيق.
++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور عقيل المقطري (مستشار العلاقات الأسرية والتربوية)، وتليه إجابة الدكتور محمد عبد العليم (استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان).
++++++++++++++++++++++++++++++
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، استشارتك قمت بالاطلاع عليها، وكذلك على الإجابة التي أفادك بها الشيخ عقيل المقطري، أرجو أن تطبقي ما أورده الشيخ من نصح وإرشاد والمعلومات الممتازة والمفيدة التي زودك بها، أتمنى أن تكون سببا في استبصارك بالأمور وتحقير هذا الوسواس، الذي لديك هو وسواس قهري ولا شك في ذلك، وقراءتك حول الموضوع كثيرا وأنت في هذه السن أدت لاستشراء الفكر الوسواسي واستحواذه على كيانك الوجداني الداخلي وهذا قطعا يؤدي إلى الكثير من الكدر والحيرة النفسية.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت في عمر تكوين نفسي مهم، وتجنب القراءة والإكثار من الاطلاعات خاصة أن الكثير من المواضيع متناقضة ومتباينة يكون هو الأفضل، أي تجنب الإكثار من الاطلاع، عموما المعلومات العلمية الرصينة التي أفادك بها الشيخ عقيل أراها جيدة وأراها كافية جدا، ويجب أن لا تقومي باطلاعات إضافية، الوسواس من حيث المبدأ يعالج بالتحقير وعدم الالتفات إليه؛ لأن الدخول في حواره أو نقاشه أو اتباعه أو تطبيقه يعتبر نوع من المكافأة للوسواس، والمكافأة هذه تجعل الوسواس يستحوذ ويستشري بصورة أكثر عنفا وإطباقا.
إذا حقري تجاهلي، خذي الأمور ببساطة أكثر، واصرفي انتباهك من خلال أن لا تتركي فراغا زمنيا أو فراغا ذهنيا كلاهما يؤدي إلى وسوسة وللقلق ولتوترات، كوني إيجابية في تفكيرك وفي مشاعرك وفي أفعالك، أنت محتاجة لأحد مضادات الوساوس؛ ولذا أنصحك أن تذهبي وتقابلي أحد الأطباء النفسيين، عقار مثل الفلوكستين والذي يسمى بروزاك أو الفلوفكسمين والذي يسمى فافرين كلاهما سوف يكون مفيدا جدا لك.
أنا تحدثت لك عن موضوع الفراغ الزمني والفراغ الذهني، أنت الآن في مرحلة الطلابية وأمامك مسؤولية كبيرة، وهي الإجادة العلمية والتحصيل العلمي الرسين؛ لذا خصصي وقتا جيدا للقراءة، خصصي وقتا للراحة، وقتا للترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، وكوني إيجابية في تفاعلك مع الأسرة، هذا من أفضل النماذج العلاجية التي تجعل تركيز الإنسان على أشياء مفيدة، وهذا يصرف انتباهك ونظرك واهتمامك عن الوسواس، احتياجك للعلاج الدوائي يتطلب أن تذهبي إلى الطبيب النفسي؛ لأننا غالبا لا ننصح بالنسبة للذين هم دون العشرين بأن يتناولوا أدوية دون إشراف طبي حتى وإن كانت سليمة، الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة جيدة بالنسبة لك، كذلك تطبيق بعض التمارين الاسترخائية سوف تجدين فيها فائدة كبيرة؛ لأن القلق يعالج من خلال الاسترخاء، والاسترخاء هو مضاد للقلق، والقلق مكون رئيسي للوسواس.
إسلام ويب أعدت استشارة رقمها 2136015، أرجو الرجوع إليها وتطبيق ما ورد بها من إرشاد، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.