السؤال
السلام عليكم.
أنا دائما في حيرة من أمري، هل أحكي لمن حولي من أصدقاء وزملاء عن أموري أنني خطبت، أو سوف أسافر لرحلة عمرة أو هكذا من الأمور، وأنشر في الفيسبوك؟
بعض الفتيات لا أعرفهن شخصيا، فهل لو عرف عني الناس أي شيء جيد سيحسدونني؟ فكلما عرف عني الناس أي شيء طيب توقف هذا الأمر، فأصبحت أخاف الناس، وأخاف أن أذكر أي شيء عني، ولكنني أقرأ في السيرة أن الصحابي فلانا تزوج من فلانة وأنجبوا، وأن الصحابي فلانا ذهب إلى الحج والعمرة، يعني كانوا يعرفون عن بعضهم، وأحيانا الشخص يحتاج إلى نشر الفرحة في حياته حتى يشاركه فيها أصحابه وأهله، لكنني أصبحت أخشى ذلك الأمر، ويشغلني التفكير بذلك، فهل أذكر أموري للناس ويحسدونني على النعم، أم لا أذكرها وأشعر أنني وحيدة لا يشاركني أحد فرحتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nourhan حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، والجواب على ما ذكرت:
لا شك أن نعم الله علينا كثيرة، وكلنا يتمنى أن تحفظ له تلك النعم وتدوم، بل وتزيد أيضا، ويحصل فيها البركة، فالتحدث بالنعم جاء الأمر بذلك في قوله تعالى ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾عن الحسن بن علي قال: ما عملت من خير فحدث إخوانك، قال ابن جزي "ولذلك كان بعض السلف يقول: لقد أعطاني الله كذا ولقد صليت البارحة كذا، وهذا إنما يجوز إذا كان على وجه الشكر أو ليقتدى به، فأما على وجه الفخر والرياء فلا يجوز"، وقال ابن سعدي: "فإن التحدث بنعمة الله، داع لشكرها، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها، فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن."، فعلى هذا لابأس من التحدث بالنعم على وجه الشكر لله، وحتى يقتدى به الآخرون، وعلى المتحدث أن يحذر من الرياء والفخر.
وأما مسألة الخوف من الحسد وبسببه تزول النعم، فيمكن أن تأخذي بهذه الوصايا للوقاية من شر الحاسدين:
1- التعوذ بالله تعالى من شره، واللجوء والتحصن به، والله تعالى سميع لاستعاذته، عليم بما يستعيذ منه، وذلك بالمدوامة على قراءة المعوذات ومنها سورة الفلق قال تعالى: (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد).
2- تقوى الله، وحفظه عند أمره ونهيه؛ فمن اتقى الله تولى الله حفظه، ولم يكله إلى غيره.
3- التوكل على الله والصبر على الحاسد، وألا لا يشكوه، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلا، فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله.
4- فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه.
5- الإقبال على الله والإخلاص له، وجعل محبته وترضيه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها.
6- الصدقة والإحسان ما أمكنه، فإن لذلك تأثيرا عجيبا في دفع البلاء، ودفع العين وشر الحاسد.
7- إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه، فكلما ازداد أذى وشرا وبغيا وحسدا، ازددت إليه إحسانا.
8- تجريد التوحيد والانتقال بالفكر إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن الحسد لا يضر ولا ينفع إلا بإذنه، فهو الذي يصرفها عنه وحده لا أحد سواه، قال تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله).
9- الاستعانة بالكتمان في تحقيق ما تريدنه من أمور الخير حتى لا تصابي بنظرة الحسد، فلا يتحقق مطلوبك جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود"، رواه الطبراني وصححه الألباني، فالكتمان يكون قبل حصول الحاجة، فإذا حصلت، وأنعم الله عليه ببلوغه ما يريد، فإنه يتحدث بالنعمة ويشكر الله عليها، وإذا خفت من بعض الحاسدين فلا تتحدثي بالنعمة أمامهم، وأتمنى أن لا يعمم هذا الخوف على كل الذين من حولك.
وفقك الله لمرضاته.